الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العلاج بالقرآن ثابت بالسنة القولية والفعلية

السؤال

أنا مريضة بالوسواس القهري، وأبحث عن علاج له، ولكني أقرأ في كلام الأطباء النفسيين: "إن هذا مرض نفسي وله علاج"، ثم يقول بعض الشيوخ: "إن هذا مس من الشيطان، وله علاج بالقرآن"، وأنا لا أعلم أيهما أصح؟ وهل هناك بالفعل ما يسمى: بالعلاج بالقرآن، أم إنه بدعة؟ أرجو التوضيح.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الوسواس القهري يعالج بالقرآن، والرقية الشرعية، وبما أمكن من العلاج الطبي، والنفسي.

والعلاج بالقرآن لا يعتبر بدعة؛ بل هو ثابت بالسنة القولية والفعلية، فقد جاء في صحيح ابن حبان عن عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وامرأة تعالجها، أو ترقيها, فقال: عالجيها بكتاب الله. صححه الألباني.

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيما رواه عنه عمران بن حصين: اقرؤوا القرآن، وسلوا الله به، قبل أن يأتي قوم يقرؤون القرآن، فيسألون به الناس. رواه أحمد، وصححه الألباني.

وعن عمران بن حصين أيضًا أنه مر على قارئ يقرأ، ثم سأل، فاسترجع، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قرأ القرآن فليسأل الله به, فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن يسألون به الناس. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، وصححه الألباني.

وقد ثبت في السنة الرقية بقراءة المعوذتين، والفاتحة؛ ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب, فاستضافوهم، فأبوا أن يضيفوهم, فلدغ سيد ذلك الحي, فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء, فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا، لعلهم أن يكون عندهم شيء, فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لدغ, وسعينا له بكل شيء لا ينفعه, فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي, ولكن استضفناكم فلم تضيفونا, فما أنا براقٍ حتى تجعلوا لنا جُعلًا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ، فأوفوهم جُعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا, فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا له ذلك، فقال: وما يدريك أنها رقية؟ ثم قال: قد أصبتم, اقتسموا واضربوا لي معكم سهمًا.

وفي البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن، والحسين، ويقول: إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل، وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما، وترك ما سواهما من التعويذات.

وروى البخاري، ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات, ومسح عنه بيده, فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه طفقت أنفث على نفسه بالمعوذات التي كان ينفث, وأمسح بيد النبي صلى الله عليه وسلم عنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني