الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الردة توجب الغسل عن الحنابلة والمالكية؟

السؤال

رجل قام في حالة غضب بسب الدين، ثم ندم، واستغفر الله بسرعة، وبعدها بعدة سنوات قال دون أن يشعر: يا دين أمي ـ وقد قرأت على موقعكم الكريم أن سب الدين كفر بالاتفاق، وأن الحنابلة، والمالكية أوجبوا الغسل على المرتد إذا رجع إلى الإسلام، كما قرأت أن غسل الجنابة يغني عن غسل الردة؛ وفقًا لقاعدة فقهية، فهل يوجد نقل دقيق من كتب الحنابلة، والمالكية في هذه الحالة بالذات، لا سيما إذا نوى الفرد عند الغسل استباحة الصلاة، ورفع حدث الفرج، واللسان؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد نص الحنابلة على إجزاء الغسل الواحد عن عدة موجبات، كما نصوا على أن الردة حدث لساني، قال صاحب كشاف القناع: وَإِنْ اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ مُتَنَوِّعَةٌ ـ وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً فِي أَوْقَاتٍ تُوجِبُ وُضُوءًا... أَوْ تُوجِبُ غُسْلًا كَالْجِمَاعِ، وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ، وَالْحَيْضِ ـ فَنَوَى بِطَهَارَتِهِ أَحَدَهَا, ارْتَفَعَ هُوَ ـ أَيْ: الَّذِي نَوَى رَفْعَهُ ـ وَارْتَفَعَ سَائِرُهَا ،لِأَنَّ الْأَحْدَاثَ تَتَدَاخَلُ, فَإِذَا نَوَى بَعْضَهَا غَيْرَ مُقَيَّدٍ ارْتَفَعَ جَمِيعُهَا.. اهـ.

وقال صاحب المغني: الرِّدَّةَ حَدَثٌ، بِدَلِيلِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْحَدَثُ حَدَثَانِ: حَدَثُ اللِّسَانِ، وَحَدَثُ الْفَرْجِ، وَأَشَدُّهُمَا حَدَثُ اللِّسَانِ. اهــ.

وأما المالكية: فلا يجب غسل الكافر، والمرتد عندهم إلا إذا حصل منه ما يوجب غسل الجنابة، كما قال الدردير في شرح المختصر: وَيَجِبُ غُسْلُ كَافِرٍ -ذكر أو أنثى، أصليّ أو مرتدّ-... بِمَا، متعلّق بـيجب، أي: يجب عليه الغسل بسبب ما ذُكِرَ من الموجبات الأربع، لا إن لم يحصل منه واحد منها، كبلوغه بسنّ، أو إنبات، فلا يجب عليه الغسل، بل يندب. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني