الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعجيل الزكاة.. ومسائل أخر

السؤال

لي أخ يدرس في الجامعة، ووالدي لا يستطيع دفع نفقات الدراسة، هل يمكن لي أن أدفع من زكاة أموالي له ؟ وهل يمكن أن أدفعها كاملة لشخص معين ليقوم بدفعها لأخي حسب أقساط الجامعة، علما بأن المبلغ كاملا يساوي زكاة أموالى لمدة 3 سنوات؟ ( يرجى العلم أن والدي عنده منزل، فهل يجب عليه بيع المنزل للإنفاق على أخي )؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا حرج في دفع الزكاة لأخيك الذي لا يستطيع دفع نفقات الدراسة التي يحتاجها ليصيب قواماً من العيش، بشرطين:
الأول: أن يكون مجال تلك الدراسة مباحاً، فلا تحل إعانته بالزكاة ولا بغيرها على تعلم ما هو محرم كالموسيقى أو التمثيل والغناء الماجن أو رسم ذوات الأرواح، وما شابه ذلك؛ لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
الثاني: أن يكون أخوك عاجزاً عن أن يقوم بنفقات دارسته عن طريق الكسب أو عن طريق الجمع بين الدراسة والكسب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب. رواه أحمد بسند صحيح.
وأما بالنسبة لسؤالك في توكيل من تثق فيه لكي يدفع لأخيك هذه الزكاة على حسب أقساط الجامعة، فلا يخلوا ذلك من حالين:
إما أنك تريد تعجيل زكاتك لثلاث سنوات، وإما أن لديك زكاة متأخرة عن هذه المدة، فإن كنت تريد بذلك تعجيل زكاتك ثلاث سنوات فقد اختلف أهل العلم في جواز تعجيل الزكاة قبل وجوبها على قولين:
الأول: الجواز، وإلى هذا ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة، واستدلوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه تعجل من العباس صدقة سنتين. أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم، وحسَّنه الألباني . قالوا: وتأخير الزكاة إلى زمن الوجوب من باب الرفق بالمالك.. ، وعليه فإذا رضي المزكي بالتعجيل وسمحت به نفسه فأي مانع يمنع ذلك ؟!
الثاني: المنع، وإليه ذهب الإمام مالك وجوز بعض المالكية تقديمها بزمن يسير، واحتجوا بأن الحول أحد شرطي الزكاة فلم يجز تقديمها عليه كما لا يجوز قبل ملك النصاب اتفاقاً؛ ولأن الشرع وقَّت للزكاة وقتاً وهو الحول فلم يجز تقديمها عليه كالنصاب.
والراجح الذي عليه المحققون هو مذهب الجمهور؛ لأن الحديث في تعجل النبي صلى الله عليه وسلم من العباس الزكاة سنتين صريح في ذلك، ولأننا لا نسلم أن الحول أحد شرطي الزكاة، بل النصاب فقط، والحول تأجيل في الأداء بعد أصل الوجوب فهو كالدين المؤجل، وتعجيل المؤجل صحيح، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 6806.
وينبغي ألا تزيد في التعجيل على حولين اقتصاراً على ما ورد به النص.
وللفائدة راجع كتاب فقه الزكاة للدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله الجزء الثاني/827- 832.
أما إذا كان لديك زكاة متأخرة لمدة ثلاث سنوات، فلا يحل لك تأخيرها، والواجب عليك إخراجها فوراً، وفي كلتا الحالتين المتقدمين لا حرج عليك أيضاً في توكيل من تثق فيه لكي يدفع لأخيك هذه الزكاة على حسب أقساط الجامعة.
وإخراج الزكاة في القرابة أولى - إن كانوا فقراء - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة. رواه الترمذي وحسنه.
ولا يلزم والدك أن يبيع البيت الذي يملكه لينفق على أخيك، ولا تلزم أباك النفقة على أخيك إذا كان أخوك يستطيع أن يعمل وينفق على نفسه.
علماً بأن نفقة الرجل على أهله من أعظم القربات إلى الله، قال صلى الله عليه وسلم: دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك. رواه مسلم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني