الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام صلاة الجمعة والجمع والقصر للصيادين في البحر

السؤال

ما حكم صلاة الجمعة للصيادين الذين يصيدون الأسماك، ويمكثون في داخل البحر بالأسابيع؟ وكيف تقدر المسافة التي يقطعونها داخل البحر؛ حتى نحكم بسفرهم، فنجيز لهم قصر الرباعية، والجمع بين الصلوات؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمسافرون للصيد داخل البحر لا تشرع في حقهم صلاة الجمعة، ولا تجزئهم؛ لأنهم ليسوا مستوطنين في البحر مثل أهل القرى؛ جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: ليس على العاملين من العسكريين على السفن جمعة في جميع الأحوال المذكورة؛ لأنهم ليسوا مستوطنين بها، كأهل القرى والأمصار، إلا من كان منهم مقيمًا على الرصيف، وليس في حكم السفر، فإنها تلزمهم صلاة الجمعة في المساجد التي تقام فيها الجمعة. انتهى. وراجع المزيد في الفتوى رقم: 114336.

وبخصوص القصر، والجمع للصيادين في البحر: فينظر في حالهم؛ فإن قصدوا قطع مسافة القصر داخل البحر بحيث علموا أنهم لن يجدوا الصيد إلا بعد مسافة القصر (83 كيلومترًا تقريبًا)، أو عندهم مكان معين للصيد يبعد عن الشاطئ هذه المسافة، فهؤلاء ينطبق عليهم حكم المسافر، فيقصرون، ويجمعون.

أما إذا كانوا يبحثون عن الصيد أينما وجد، فإذا وجدوه قريبًا من الشاطئ اكتفوا به، وإن لم يجدوا توغلوا داخل البحر، فهؤلاء لم يقصدوا قطع مسافة القصر، ومن ثم؛ فلا يشرع في حقهم القصر، ولا الجمع، وإليك بعض كلام أهل العلم في هذه المسألة:

جاء في شرح الخرشي على مختصر خليل المالكي: وأما الهائم، وهو: الذي لا يعزم على مسافة معلومة: فلا يقصر، كالفقراء المتجردين؛ فإنهم يخرجون ليدوروا في البلدان، لا يقصدون مكانًا معلومًا، لكن كيفما طابت لهم بلدة يمكثون فيها، ومثل الهائم طالب رعي؛ قال مالك في المجموعة في الرعاة يتبعون الكلأ بمواشيهم: أنهم يتمون، اللهم إلا أن يعلم كل من الهائم، والراعي قطع مسافة القصر قبل البلد الذي يطيب له المقام به، وقبل محل الرعي يريد، وقد عزم عليه عند خروجه، فيقصر حينئذ. انتهى.

وفي كشاف القناع للبهوتي الحنبلي: (ويشترط) لإباحة القصر والفطر: (قصد موضع معين أولًا) أي: في ابتداء السفر (فلا قصر)، ولا فطر (لهائم) وهو: من خرج على وجهه، لا يدري أين يتوجه. انتهى.

وقال النووي الشافعي في المجموع: قال أصحابنا: يشترط للقصر أن يعزم في الابتداء على قطع مسافة القصر، فلو خرج لطلب آبق، أو غريم، أو غير ذلك، ونوى أنه متى لقيه رجع، ولا يعرف موضعه، لم يترخص وإن طال سفره، وبلغ مراحل، كما سنذكره في الهائم -إن شاء الله تعالى-. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني