الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستشهاد بقول زهير (رَأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ ..) هل فيه إشكال؟

السؤال

ما رأيكم في قول الشاعر زهير: رَأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ *** تُمِـتْهُ وَمَنْ تُخْطِىء يُعَمَّـرْ فَيَهْـرَمِ ـ وهل يوجد في هذا البيت خطأ عقدي؟ وهل يصلح أن نستشهد به؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالبيت المشار إليه ـ وهو لزهير بن أبي سلمى في معلقته ـ لم يزل أهل العلم يذكرونه في كتبهم يستشهدون به من غير نكير، وممن ذكره الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ {النحل: 70} والشنقيطي في أضواء البيان وغيرهم، ولا يعني قائلها ـ مع أنه جاهلي ـ أن المنايا تصيب الناس من غير تقدير من الله وحكمة، وإنما المقصود منه أن المنايا لا تميز بين كبير وصغير، بل تضرب وتعم ولا تخص أحدا دون أحد، ولا تهتم بكون المصاب صغيرا أو شابا، كما أن الناقة العشواء ـ ضعيفة البصر ـ تضرب كل ما تقابله برجليها، قال ابن منظور في اللسان: وَمِنْ أَمثالهم السَّائرة: وهو يَخْبِط خَبْطَ عَشْوَاء، يضرَبُ مَثَلًا للسَّادِرِ الَّذِي يَرْكَبُ رَأْسَهُ وَلَا يَهْتَمُّ لِعاقِبَتِهِ كالنَّاقَة العَشْوَاء الَّتِي لَا تُبْصِرُ، فَهِيَ تَخْبِطُ بيَدَيْها كلَّ مَا مَرَّت بِهِ، وشَبَّه زُهَيرٌ الْمَنَايَا بخَبْطِ عَشْواءَ، لأَنَّها تَعُمُّ الكُلَّ وَلَا تَخُصُّ. اهـ.

وهذا المعنى لا إشكال فيه، ولا يخالف كونها مقدرة من عند الله تعالى بحكمته وعلمه، فهي تعم الصغير والكبير وتخبط الناس جميعا، وأيضا في ذات الوقت تجري بتقدير الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني