الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التأمل وممارسة رياضة اليوغا

السؤال

سمعت أن التأمل واليوغا محرم، و قد قرأت في الآونة الأخيرة عن تمرين يساعد على زيادة قوة التركيز، وهو كالآتي: أخذ ساعة والنظر إلى حركة العقرب، ومحاولة رؤية تحركه بدقة لمدة طويلة، هل يعتبر تأملا؟ وما حكمه؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ندري ما المصدر الذي علمت منه أن التأمل محرم في الشرع؟ فالتأمل مرادف لمعان واردة في الشرع كالتفكر ونحوه، فحكم التأمل كحكم التفكر، منه المحمود، ومنه المذموم، وذلك بحسب الأمر المتأمَّل فيه، وما يؤدي إليه.

قال ابن القيم: فالفكر هو إحضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة، ومثال ذلك إذا أحضر في قلبه العاجلة وعيشها ونعيمها وما يقترن به من الآفات وانقطاعه وزواله، ثم أحضر في قلبه الآخرة ونعيمها ولذته ودوامه وفضله على نعيم الدنيا وجزم بهذين العلمين أثمر له ذلك علما ثالثا وهو أن الآخرة ونعيمها الفاضل الدائم أولى عند كل عاقل بإيثاره من العاجلة المنقطعة المنغصة... وهذا يسمى تفكرا وتذكرا ونظرا وتأملا واعتبارا وتدبرا واستبصارا، وهذه معان متقاربة تجتمع في شيء وتتفرق في آخر... يسمى تأملا؛ لأنه مراجعة للنظر كرة بعد كرة حتى يتجلى له وينكشف لقلبه... فالخير والسعادة في خزانة مفتاحها التفكر، فإنه لا بد من تفكر وعلم يكون نتيجته الفكر وحال يحدث للقلب من ذلك العلم، فإن كل من عمل شيئا من المحبوب أو المكروه لا بد أن يبقى لقلبه حالة وينصبغ بصبغة من علمه، وتلك الحال توجب له إرادة وتلك الإرادة توجب وقوع العمل، فها هنا خمسة أمور الفكر وثمرته العلم، وثمرتهما الحالة التي تحدث للقلب، وثمرة ذلك الإرادة، وثمرتها العمل، فالفكر إذا هو المبدأ والمفتاح للخيرات كلها، وهذا يكشف لك عن فضل التفكر وشرفه، وأنه من أفضل أعمال القلب وأنفعها له حتى قيل تفكر ساعة خير من عبادة سنة، فالفكر هو الذي ينقل من موت الفطنة إلى حياة اليقظة، ومن المكاره إلى المحاب، ومن الرغبة والحرص إلى الزهد والقناعة، ومن سجن الدنيا إلى فضاء الاخرة، ومن ضيق الجهل إلى سعة العلم ورحبه، ومن مرض الشهوة والإخلاد إلى هذه الدار إلى شفاء الإنابة إلى الله والتجافي عن دار الغرور، ومن مصيبة العمى والصمم والبكم إلى نعمة البصر والسمع والفهم عن الله والعقل عنه، ومن أمراض الشبهات إلى برد اليقين وثلج الصدور، وبالجملة فأصل كل طاعة إنما هي الفكر، وكذلك أصل كل معصية إنما يحدث من جانب الفكرة. اهـ. باختصار من مفتاح دار السعادة .

وبخصوص رياضة اليوغا: فقد سبق أن أفتينا بحرمتها، ليس من جهة أن فيها تأملا وتفكرا، وإنما من جهة ما فيها من طقوس دينية وثنية، وانظر تفصيل هذا في الفتوى رقم: 1043.

وبخصوص حكم النظر إلى حركة عقرب الساعة ومحاولة رؤية تحركه بدقة لمدة طويلة: فالأصل أنه لا حرج فيه ـ بناء على قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة ـ، إلا أن يصاحبه محذور آخر خارج عنه، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 61944.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني