الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من أخذ لقطة ثم تركها مكانها

السؤال

في البداية أريد أن أتحدث عن نفسي.
أنا طالب في المرحلة الثانوية، وبالتحديد في الصف الثاني ثانوي، أنا ولله الحمد محافظ على صلواتي وبار بوالدي، واليوم استلمنا التقارير ولله الحمد حاصل على جميع الدرجات الكاملة.
اليوم وأنا خارج من المدرسة في طريقي إلى البيت وجدت هاتفا محمولا (جوالا) ملقي في منتصف الشارع، مع العلم أن الجوال كان يرن حملته لأرد عليه، ولكن الجوال قد توقف عن الرنين، ولكن حين حملته أحسست بضيق في صدري، ولم أجد الراحة لهذا الهاتف، فوضعته في جانب الطريق وأكملت طريقي، ويشهد علي ربي أني كنت أريد أن أفعل خيرا، وأدل صاحب الجوال إلى مكاني، ومنذ رجوعي إلى البيت وإلى الآن أحس بضيق في صدري.
السؤال: هل أثمت على هذا الفعل (أني لم آخذ معي الهاتف وأدل صاحبه)؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا إثم عليك في ذلك إن شاء الله؛ فإن التقاط اللقطة ليس بواجب عند جمهور العلماء، بل إن منهم من ذهب إلى أن ترك الالتقاط أفضل، ومن أوجب الالتقاط من العلماء إنما أوجبه في أحوال خاصة لا من حيث الأصل، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 157889، وما أحيل عليه فيها.
وأما بخصوص رفعك للمحمول لترد على صاحبه ثم وضعك إياه بعد ذلك، فإن العلماء قد اختلفوا فيمن أخذ لقطة ثم ردها، هل يضمنها أم لا؟
جاء في الموسوعة الفقهية: يرى أبو حنيفة في ظاهر الرواية ومالك أن الملتقط إذا أخذ اللقطة ثم ردها إلى مكانها الذي أخذها منه فلا ضمان عليه؛ لأنه أخذها محتسبا متبرعا ليحفظها على صاحبها، فإذا ردها إلى مكانها فقد فسخ التبرع من الأصل، فصار كأنه لم يأخذها أصلا، وهذا الحكم إذا أخذها ليحفظها لصاحبها ويعرف ذلك بالإشهاد عليها حين الالتقاط، أما إذا أخذها ليتملكها فإنه يضمن، وعند أبي يوسف ومحمد لا يضمن سواء أشهد أم لا، ويكون القول قول الملتقط مع يمينه، ويرى أحمد والشافعي أن الملتقط إذا رد اللقطة بعد أخذها فضاعت أو هلكت ضمنها؛ لأنها أمانة حصلت في يده فلزمه حفظها فإذا ضيعها لزمه ضمانها كما لو ضيع الوديعة.

وعموما فحيث إن الأمر قد وقع وانقضى، وحيث إننا لا نجد دليلا فاصلا في المسألة فلا نرى إلزامك بضمان الجوال، لكن ننصحك بمراعاة ذلك مستقبلا.

وننبه إلى أن هذا المسلك في الفتوى في الأمور المختلف فيها والتي لا يتضح فيها وجه الترجيح قد سلكه كثير من أهل العلم، يقول ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: كثير من العلماء في مثل هذه الأمور المشتبهة التي تعارضت فيها الأدلة، أو تكافأت فيها أقوال العلماء إذا لم يكن هناك دليل، يفرقون بين الشيء إذا وقع، وبين الشيء قبل وقوعه، فيقولون: قبل الوقوع نأخذ بالأحوط، وبعد الوقوع نأخذ بالأحوط أيضا، وهو عدم إفساد العبادة، أو عدم التغريم، أو ما أشبه ذلك. انتهى من الشرح الممتع.
وعلى ذلك ، فنرجو ألا يلزمك شيء إن شاء الله.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني