الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

جزاكم الله خيراً على هذا الجهد المبارك سؤالي هو: هل الشفاء من المرض مرتبط بالدواء؟ بمعنى هل الدواء يعجل بالشفاء، أرجو الإجابة على هذا السؤال بالأدلة الشرعية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء. متفق عليه.
وعن أسامة بن شريك قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت الأعراب فقالوا: يا رسول الله أنتداوى، فقال: نعم يا عباد الله، تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داءً إلا وضع له شفاء غير داء واحد، قالوا: ما هو ؟ قال: الهِرم. رواه أحمد.
قال ابن القيم : فقد تضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب والمسببات، وإبطال قول من أنكرها، والأمر بالتداوي، وأنه لا ينافي التوكل، كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها، بل ولا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً، وإذا تقرر هذا، فإذا كان هذا الدواء مما جعله الله شفاء لداء معين، فاستعمله صاحب الداء، برأ بإذن الله، وتعجل له بسبب ذلك الشفاء بإذن الله، لكن لا بد من اعتماد القلب على الله في حصول الشفاء؛ لأن الشفاء لا يكون إلا بإذنه كما قال تعالى: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:80]، وقوله: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ [الأنعام:17.]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فالالتفات إلى الأسباب - كاستعمال الدواء دون توكل على الله -شرك في التوحيد- أي لعدم اعتماد القلب على الله - ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع.
واعلم أنه قد يشفى الإنسان بدون تعاطي دواء، فقد يشفى بما ييسره الله له من دعوة مستجابة أو رقية نافعة، أو قوة للقلب وحسن توكل ، ونحو ذلك.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني