الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى حديث: لعن الله من غير منار الأرض

السؤال

بارك الله فيكم، ما معنى حديث: "لعن الله من غير منار الأرض"؟ وهل يدخل في اللعن إذا قام بعض المواطنين بإزالة بعض الجبال أو التلال لأجل التوسع في أراضيهم أو إحياء أراض جديدة، ولكن واجهتهم عقبات تلك الجبال؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذا الحديث قد أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: كنت عند علي بن أبي طالب، فأتاه رجل، فقال: ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسر إليك؟ قال: فغضب، وقال: ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسر إلي شيئًا يكتمه الناس، غير أنه قد حدثني بكلمات أربع. قال: فقال: ما هن يا أمير المؤمنين؟ قال: قال: «لعن الله من لعن والده، ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من آوى محدثًا، ولعن الله من غير منار الأرض». وفي لفظ له: لعن الله من سرق منار الأرض.

والمراد بـ (منار الأرض) هو: العلامات التي تميز الأملاك وتحددها؛ قال ابن الجوزي: أما منار الأرض: فهي أعلامها التي تضرب على الحدود ليتميز بها الأملاك بين الجارين، فإذا غيرت اختلطت الأملاك، وإنما يقصد مغيرها أن يدخل في أرض جاره. اهـ. من كشف المشكل.

وقال القرطبي: (منار الأرض) هي النُّجوم، والحدود التي بها تتميَّز الأملاك. والمغيِّر لها: إن أضافها إلى ملكه فهو غاصبٌ، وإن لم يضفها إلى ملكه فهو متعدٍّ ظالِمٌ مفسدٌ لِمُلك الغير. وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (من غصب شبرًا من الأرض طوّقه يوم القيامة من سبع أرضين). وقد حمل أبو عبيد هذا الحديث على تغيير حدود الحرم، ولا معنى للتخصيص، بل هو عام في كل الحدود والنُّجوم. اهـ. من المفهم.

وأدخل بعض العلماء في معنى (منار الأرض) العلامات التي يُهتدى بها في الطرقات؛ قال ابن هبيرة: وأما تغيير منار الأرض قد يكون بين الشريكين، فلا يحل لأحد الشريكين أن يقدم الحد ولا يؤخره، وقد يكون أيضًا من الأعلام في الطرق التي يهتدي بها المسافرون، فلا يحل لأحد تغييرها؛ فيؤول إلى إضلال الناس عن طريقهم ومقاصدهم. ومنار الطريق: أعلامها. اهـ. من الإفصاح.

وعلى هذا؛ فمجرد إزالة الجبال أو التلال ليس داخلًا في تغيير منار الأرض المتوعد عليه، إلا إن كان فيه تغيير للحدود المميزة لأملاك الناس، أو ترتب عليه تغيير علامات الطرق التي يهتدي بها المسافرون ونحوهم.

وأما عن إحياء الأراضي الموات وضوابطه: فراجع فيه الفتويين: 11567، 121589.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني