الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخيمات اللاجئين وصلاة الجمعة

السؤال

أود من فضيلتكم الاستفسار عن بعض الأحكام بخصوص اللاجئين السوريين.
فقد جرى خلاف هل يجوز قصر الصلاة أم لا؟
وهل تبقى صلاة الجمعة واجبة؟
فقد سئل أحد أهل العلم، وقال بخصوص ذلك: "تجب عليه، ولا تصح به" أي واجبة على اللاجئ باعتباره مقيما، غير أنها لا تقوم به، فلا يجوز إقامة جمعة في المخيمات.
وبخصوص الصيام أيضا؟
فالخلاف الرئيسي هل يعتبر اللاجئ في المخيم بانتظار حل مشكلته مقيما، أم مسافرا؟ أم له أحكام خاصة؟!!
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فمن علم من اللاجئين أنه سيبقى في المخيم أربعة أيام فأكثر، فهو مقيم، وتجري عليه أحكام المقيمين من وجوب إتمام الصلاة، ووجوب الصوم.

وأما الجمعة فإن من شروط الجمعة عند الجمهور، وجود قرية مبنية، بما جرت العادة بالبناء به من حجر، أو طين، أو لبِنٍ، أو نحوه.

قال ابن قدامة في المغني: فَأَمَّا الْقَرْيَةُ فَيُعْتَبَرُ أَنْ تَكُونَ مَبْنِيَّةً بِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِبِنَائِهَا بِهِ، مِنْ حَجَرٍ، أَوْ طِينٍ، أَوْ لَبَنٍ، أَوْ قَصَبٍ، أَوْ شَجَرٍ وَنَحْوِهِ، فَأَمَّا أَهْلُ الْخِيَامِ، وَبُيُوتِ الشَّعْرِ، وَالْحَرَكَاتِ، فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ، وَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْصَبُ لِلِاسْتِيطَانِ غَالِبًا، وَكَذَلِكَ كَانَتْ قَبَائِلُ الْعَرَبِ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، فَلَمْ يُقِيمُوا جُمُعَةً، وَلَا أَمَرَهُمْ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَخْفَ، وَلَمْ يُتْرَكْ نَقْلُهُ، مَعَ كَثْرَتِهِ، وَعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ، لَكِنْ إنْ كَانُوا مُقِيمِينَ بِمَوْضِعٍ يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ، لَزِمَهُمْ السَّعْيُ إلَيْهَا، كَأَهْلِ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ إلَى جَانِبِ الْمِصْرِ. اهـ.

ومن شروط صحتها الاستيطان.

قال ابن قدامة في المغني: فَأَمَّا الِاسْتِيطَانُ، فَهُوَ شَرْطٌ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَهُوَ الْإِقَامَةُ فِي قَرْيَةٍ، عَلَى الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ، لَا يَظْعَنُونَ عَنْهَا صَيْفًا، وَلَا شِتَاءً، وَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ، وَلَا عَلَى مُقِيمٍ فِي قَرْيَةٍ يَظْعَنُ أَهْلُهَا عَنْهَا فِي الشِّتَاءِ دُونَ الصَّيْفِ، أَوْ فِي بَعْضِ السَّنَةِ. اهـ.

والأشبه بمخيمات اللاجئين، أنها تأخذ حكم أهل البادية الذين يسكنون الخيام وينتقلون؛ لأنها لا يصدق عليها اسم القرية، ولا يأخذون حكم أهل المدن والقرى، فلا تجب عليهم الجمعة لوحدهم، ولكن إذا كانت مخيماتهم في مدينة، أو قرية، فإنه يجب عليهم السعي إلى الجمعة. وكذا إن كانوا قريبا من البلدة التي يقيم فيها المواطنون الجمعة، وسمعوا النداء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني