الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم طاعة الوالد في الجلوس مع أهل المعاصي

السؤال

قد لا يخفى على قلب كل شاب أظهر التزامه بشريعة رسوله صلى الله عليه وسلم الأخذ من كتاب ربه وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، ومما أجمع عليه أهل العلم علنا, أن يؤذى ويختبر ويخطئ، وهو في النهاية امتحان من الله لعبده، ونحن في زمن أصبح فيه المنافق يبدي كرهه الكلي أو الجزئي علنا لربه أو لرسوله صلى الله عليه وسلم أو دينه، سواءً في المجالس العامة أو الخاصة وما يشابهها، وأنا كطالب علم أسأل الله العلي العظيم أن يزيدني ويزيدكم علماً وأن ينفعنا بما علمنا, ألاقي بعض الأذى المباشر وغير المباشر في مجالس بعض الأقارب ـ هدانا الله وإياهم ـ عندما نتحاور في بعض الأمور الدنيوية، ويكون فيها إشكال معين، فألجأ مثلاً إلى قصة حدثت مع الرسول صلى الله عليه وسلم، أو فتوى لعالم فيرد عليّ أحدهم قائلا: دع الدين على جنب، وهذه العبارة كثيرا ما نسمعها في المجالس، وخصوصا من أناس لهم باع ضعيف في الشرع أو قد تخلفوا عنه, وحسب علمي الشخصي فإن بعض هؤلاء يعانون من إلحاد عاطفي، والأدلة كثيرة، فمنهم من يتكلم في ظهري أو يفتري علي، وأعلم يقينياً أنني لست أفضل من قدوتي صلى الله عليه وسلم , لكن عندما يكونون على علم بحكم الرشوة والواسطة ويغرقون في نسب ربوية مثلا، ويخوضون في أمور مشبوهة وكثيرة، وعندما تلتبس عليهم فإنهم يلجأون كما يزعمون إلى العلم والمنطق ويتخلفون عن الشرع، فهم أشبه بعباد الدينار ـ وتعس عباد الدرهم والدينار ـ ويعلم الله أنني كرهتهم لوجه، فهم في الأساس لم يسلموا من مكر بعضهم لبعض, ومن هنا يأتي السؤال: عندما يعلم والدي العزيز بمثل هذه الأمور التي ربما ـ والله أعلم ـ هو غارق فيها ويجبرني على مجالستهم أو الأخذ بكلامهم، وهو أكثر ما يكون مضيعة للوقت، فماذا علي أن أفعل؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا تلزمك طاعة والدك في الجلوس مع ذلك الصنف من الناس إذا علمت أنهم يفعلون أو يقولون منكرا ولا يكفون عنه إن نهيتهم، وأحرى أن لا تلزمك طاعته في الأخذ بما يقولونه والعمل به، فإن هذا يحرم من باب أولى، وذلك أن الجلوس معهم وهم على تلك الحال منهي عنه شرعا بقول الله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ {النساء: 140}.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: في هذه الآية دليل قوي على وجوب تجنب أهل البدع، وأهل المعاصي، وأن لا يجالَسوا... اهـ.

وإذا كانت مجالستهم منهيا عنها شرعا، فإنه لا يطاع الوالد في فعل ما نهى الله تعالى عنه، والله أحق أن يطاع، وطاعة الوالد إنما تكون في المعروف لا فيما نهى الله عنه، وانظر الفتوى رقم: 268837، عن مفاسد مجالسة أهل المنكر والفتوى رقم: 256354، عن طاعة الأم في مجالسة الأقارب الذين يتكلمون في الدين بجهل ومناقشتهم، والفتوى رقم: 219757، عن واجب من جلس في مجلس معصية، والفتوى رقم: 223714، عن واجب من نهى عن منكر ولم يُستَجب له.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني