الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العبرة ليست بكثرة من سيدخل الجنة أو النار

السؤال

يوجد في العالم بحدود ستة مليار إنسان، فإذا فرضنا من هؤلاء مليار مسلم فقط، فهل سيذهب الباقون جميعهم إلى جهنم باعتبارهم كفار بموجب النصوص الكريمة وما هو موقفهم يوم القيامة، أرجو الإجابة بالتفصيل لأهمية السؤال، ولكثرة المتشككين به؟ والسلام عليكم .....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق لعبادته وحده لا شريك له، كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].
فمن تمرد على الله ورفض عبادته فلا شك أنه في النار، تواترت على ذلك نصوص الوحي والكتاب والسنة، قال تعالى: فَأَمَّا مَنْ طَغَى* وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعـات:37 - 39].
وهذا ما يُسلِّم به العقل السليم والنظر الصحيح، فإن من تمرد على القوانين الأرضية التي وضعها البشر أو رفض أوامر من يحكمون بها فقد عرض نفسه للعذاب المهين في هذه الحياة، وربما قضى عشرات السنين في ظلمات السجون وأليم العذاب، ولا يستنكر هذا لأنها عقوبة قانونية.
فإذا كنا نسلم بأن مخالفة القوانين تستوجب العقوبة من الحاكم وواضعي القوانين.. فكيف لا نسلم بأن مخالف أوامر الله رب العالمين يستحق العقاب؟! وهو سبحانه وتعالى الخالق الرازق.
فالعبرة ليست بكثرة من سيذهب إلى هنا أو هناك، وإنما هي بالطاعة والامتثال، فالله تعالى ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، كما قال تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طـه:123، 124].
ولا يحق لأحد أن يعترض على حكمه سبحانه وتعالى لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23].
ولا تغرنك كثرة المشككين، فإن العاقل إذا سلم بأن الله تعالى هو الخالق لزم من ذلك أن يسلم تلقائيًّا بأنه الآمر الناهي الذي يجب أن يطاع أمره ويجتنب نهيه، كما قال تعالى: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54].
وعليك أن تعلم أن الله جل و علا قد قال: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]، وقال: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام: من الآية116].
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
5492.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني