الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسألة وجوب الزكاة في الصندوق الخيري العائلي ودفع زكاة العائلة فيه

السؤال

الوالد -حفظه الله- طلب منّا تأسيس صندوق عائلي تكافلي بحيث يستفيد منه أحفاده لاحقًا؛ لمن يشاء إكمال دراسته، أو من يشاء أن يتزوج، أو أن يبدأ مشروعًا، أو للعلاج، أو لمن قد يحتاج قوت يومه، وهكذا. تبدأ الفكرة بأن نقوم نحن الإخوة الذكور أو من يستطيع منا بدفع مبلغ شهري في هذا الصندوق بقدر استطاعته وتودع الأموال عند أحدنا أو في بنك إسلامي ليتم استخدامها -كما ذكرت سابقًا للأحفاد ذكورًا وإناثًا (أبنائنا أو أبناء أخواتنا). السؤالان:
- هل نستطيع أن نخرج جزءا من زكاة أموالنا المعتادة وندفعها لهذا الصندوق (أي اعتباره مصرفًا من مصارف الزكاة)؟
- هل تجب الزكاة على أموال هذا الصندوق إذا تحققت الشروط من نصاب وبلوغ حول؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننبه -ابتداء- إلى أنه لا حرج في هذا النوع من الصناديق، بل هو من المندوب والتعاون على الخير المطلوب شرعًا، بشرط أن يكون كل من يساهم فيه على سبيل التطوع وبرضاه وطيب نفسه، وليس عن طريق الإكراه والحياء؛ لأن المأخوذ حياء كالمأخوذ غصبًا -كما قال العلماء- وانظر الفتوى رقم:185473.

أما بخصوص ما سألت عنه: فمن المعلوم أنه يشترط في الزكاة أن تُمَلك لمصرفها، كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 123176، 140864.

وعليه؛ فلا يصح دفعها للصندوق المذكور؛ لأنه لا يحصل به تمليك لمصرف من مصارف الزكاة، كما أننا إذا تجاوزنا هذه النقطة تبقى مسألة أن المستفيد من الصندوق هم الأولاد، وبالتالي يكون المزكي قد دفع زكاة ماله لأولاده، وذلك لا يجوز إلا في حالة العجز عن الإنفاق عليهم، كما بيّنّا في الفتوى رقم: 131360.

أما مسألة وجوب الزكاة في مال هذا الصندوق: فإنها مبنية على طبيعة الأموال الموجودة فيه هل هي ملك لأصحابها الذين تبرعوا بها له بحيث لو أغلق الصندوق -مثلًا- أو مات أحدهم تعود إلى ورثته، أو هي فقط للأغراض المذكورة ولا تعود إلى من تبرعوا بها نهائيًّا؟

فإن كان الواقع هو الاحتمال الأول؛ فإن الزكاة واجبة فيها، وتكون زكاة مال الصندوق بحسب حصة كل شخص منه، فمن بلغت حصته منه نصابًا، أو كان عنده من المال ما إذا أضيف إلى حصته بلغت نصابًا زكّاه بعد حوَلان الحول على النصاب.

وأما إن كان الواقع هو الاحتمال الثاني، وهو المبالغ التي تجمع لهذا الصندوق خرجت عن ملك أصحابها ولا تعود إليهم: فلا زكاة فيها لكونها في حكم الوقف، وقد ورد إلى اللجنة الدائمة سؤال يقول: قبيلة من القبائل كونوا مبلغًا من المال، وجعلوا هذا المبلغ خاصًّا لما يجري على هذه القبيلة من الدم، ومشوا هذا المبلغ للتجارة، والربح الناتج عايد للدم أيضًا. فهل يجب بهذا المبلغ زكاة أم لا؟ وإذا لم يتاجر فيه هل عليه زكاة أم لا؟ وهل يحق للقبيلة نفسها أن تدفع فيه زكاة أموالها من النقدين؟
فكان الجواب: إذا كان الواقع كما ذكر؛ فلا زكاة في المال المذكور؛ لكونه في حكم الوقف، سواء كان مجمدًا أو في تجارة تدار، ولا يجوز أن تدفع فيه الزكاة، لكونه ليس مخصصًا للفقراء، ولا غيرهم من مصارف الزكاة. اهـ.

وجاء في فتوى أخرى من فتاوى اللجنة الدائمة حول سؤال مشابه: إذا كانت المبالغ المتبرع بها لا تعود لمن جمعت منهم، ولو فشل المشروع أنفقت في وجوه بر أخرى، فالزكاة لا تجب فيها، وإذا كانت تعود لمن جمعت منهم إذا فشل المشروع وجبت الزكاة على كلٍّ في نصيبه الذي جمع منه إذا حال عليه الحول. اهـ.

وراجع الفتوى رقم: 146193.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني