الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زواج قد تكتنفه مخاطر وصعوبات

السؤال

أشكركم على هذا الموقع الرائع، وأرغب في الاستفسار عن موضوع مهم جدا، وأتمنى منكم الإجابة بالتفصيل، أنا فلسطيني أعيش في فلسطين، أرغب في الارتباط بفتاة أمريكية مسلمة (تحولت إلى الإسلام منذ فترة) وقد رأيت في هذا الارتباط مصلحة لي ولها وتمكين لها على دينها، خصوصا أنها تسكن في منطقة يتواجد فيها قليل من المسلمين في أمريكا، وقد اتفقنا أن أنتقل للعيش معها قريبا، هناك شرط في قانون الهجرة الأمريكي وهو أن الأمريكية إذا أرادت استقدام خطيبها للعيش في أمريكا تحت "تأشيرة خطيب" فإنه يفترض أن يكونا التقيا شخصيا على الأقل مرة واحدة، وأن يقوما بتزويد إثباتات من خلال صورة ملتقطة معا وصور عن تذكرة السفر للأمريكية إلى بلاد خطيبها، وأنا وهذه الأمريكية التقينا فقط على الإنترنت، لذلك ولتحقيق هذا الشرط اتفقنا أنا وهي على أن تأتي للزيارة إلى الأردن ونلتقي هناك هذا الصيف لمدة أسبوعين، وبذلك يتحقق الشرط ونبدأ إجراءات الهجرة بعد عودتها إلى بلادها؛ حيث أنها تعمل هناك، لكن وكما تعلمون ستكون هناك خلوة بيني وبينها عند الزيارة كوننا بشر وكوننا سنقيم في نفس الفندق؛ لذلك اتفقنا على الزواج بعيدا عن المحاكم الشرعية (عرفيا) لأن تسجيل الزواج في المحكمة سيعني أننا سنضطر إلى سلك مسار "فيزا الزواج" والتي قد تأخذ فترة تصل إلى سنة وأكثر، بعكس "تأشيرة خطيب" التي لا تتجاوز مدة إجراءات إصدارها 5 أشهر، فأردنا الجمع بين الأمرين: الإبقاء على أننا خطيبان في نظر سلطات الهجرة، وفي نفس الوقت أن نكون قادرين على الاجتماع بالحلال، مع العلم أن ذلك رغبتها أيضا كونها لم تعاشر رجلا من فترة طويلة؛ لأنها مسلمة ومن حولها غير مسلمين ولم تجد شخص تثق به مثلي.
سؤالي: الفتاة مسلمة مطلقة سبق لها الزواج أهلها غير مسلمين، أهلها لا يوجد عندهم مانع من زواجنا, على العكس يدعموننا في ذلك، هل إذا أحضرت شاهدين مسلمين إلى مكان إقامتنا في الفندق وشهدا على عقد زواج مكتوب على ورقة فيه بيان للصداق وتسجيل للشهود يكون زواجنا صحيحا؟ ما تعريف الولي في هذه الحالة؟ مع العلم أنه من الصعب (إذا لم يكن من المستحيل) حضور أحد من أهلها إلى الأردن، هل تكفي موافقة أهلها لإتمام العقد؟
أرجوا الإجابة فأنا وهي في حيرة من أمرنا, وأخاف عليها أن تفقد الأمل وتضطر إلى القبول بما يمليه عليه أهلها الذين ما انفكوا ينصحونها بأن تجد زوجا يعيش في منطقتهم (معظم الرجال هناك غير مسلمين) لذلك نرغب في البدء بإجراءات الفيزا في أقرب وقت لأنها ترغب بأن أكون معها هناك في أسرع وقت، خصوصا بأن الظروف حولها بعيدة عن جو الإسلام، وتعاني من مضايقات العادات غير المسلمة في البيئة التي تعيش فيها، الله يعلم أننا لا نريد أن نقع في الحرام خلال زيارتها لرؤيتي في الأردن، والله يعلم غيرتي على هذه الفتاة وخوفي من أن يؤثر عليها ما تسمعه من أهلها ومن البيئة المحيطة، لذلك نسألكم عن الحل الأمثل.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على إعجابك بموقعنا، ونسأل الله سبحانه أن يوفقنا وإياك إلى طاعته وخدمة دينه وأن يرزقنا شكره وحسن عبادته، ونسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على حرصك على دين هذه المرأة، وأن يوفقنا الله وإياها على الثبات على الحق، وأن ييسر لها زوجا صالحا يعفها.

واعلم أن التعارف بين الرجال والنساء من خلال الإنترنت أو غيره لا يجوز، فهو ذريعة إلى الفتنة والفساد، فلا يؤمن أن يكون مدخلا للشيطان للوقوع فيما يغضب الرحمن، ورب العزة والجلال يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ....الآية {النور:21}. هذا أولا.

ثانيا: لا يخفى أن الإقامة في بلاد الكفر تنطوي على مخاطر كثيرة، ولعل هذا القانون الذي أشرت إليه بقولك: يفترض أن يكونا التقيا شخصيا على الأقل مرة واحدة وأن يقوما بتزويد اثباتات من خلال صورة ملتقطة معا...الخ، قوانين أشد منه نكرانا، مما يبين خطورة الإقامة هنالك وخاصة على الأولاد في المستقبل، ومن هنا شدد العلماء في أمر الإقامة هنالك ومنعوها لغير ضرورة أو حاجة شديدة، وانظر الفتوى رقم: 2007.

وزواجك من هذه المرأة ليس بضرورة أو حاجة شديدة، وإن كانت في مكان يقل فيه المسلمون وتخشى على دينها فيه وجب عليها الهجرة إلى مكان تأمن فيه على دينها، ويمكنها التواصل مع إخوانها المسلمين في المراكز الإسلامية هنالك ليعينوها في البحث عن رجل صالح يتزوجها، ولا حرج عليها شرعا في البحث عن الأزواج؛ كما بينا في الفتوى رقم: 18430.

ثالثا: سفر المرأة بغير محرم لا يجوز؛ كما هو مفصل في الفتوى رقم: 6219، ولا يستثنى من ذلك إلا حالة الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، كحال الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، أو الهجرة من مكان الخوف إلى مكان الأمن ونحو ذلك.

رابعا: لا يكون الزواج صحيحا إلا إذا توفرت فيه شروطه وأركانه، ومن أهمها الصيغة: وهي الإيجاب والقبول، والولي: ومن ليس لها ولي مسلم يزوجها القاضي المسلم، وفي حالة عدم وجوده توكل رجلا عدلا من المسلمين، كما أوضح ذلك الفقهاء، ويمكنك مراجعة الفتوى رقم: 72019، فلا يشترط التوثيق ـ مع أهميته ـ ولكن لا يصح الزواج بالصورة التي ذكرتها في سؤالك لاختلال بعض الشروط فيه، ولا يغيب عن ذهنك ما نبهنا عليه سابقا بخصوص الإقامة هنالك أو سفرها بغير محرم.

خامسا: الغالب في الزواج الذي يتم من خلال التعارف عبر وسائل التواصل أن يكون مصيره الفشل، فكثيرا ما يكون التكلف والتصنع من أي من الطرفين في إظهار الوجه الحسن، وإذا تم الزواج انكشف الغطاء، وبان كل منهما على حقيقته فيحصل الشقاق ويكون الفراق، وهنالك كثير من الوقائع التي تثبت ذلك، وقد وردت إلينا في كثير من الأسئلة.

فإذا أردت السلامة لدينك وعرضك فأعرض تماما عن التفكير في الزواج من هذه المرأة واقطع كل علاقة لك بها، وابحث عن امرأة صالحة من نساء بلدك، معروفة في دينها وخلقها، ومدخلها ومخرجها، فالزواج مشوار طويل، إن لم يبن على أساس صحيح انهار بنيانه، فيندم صاحبه حيث لا ينفع الندم، ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 8757، 19333، 123457.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني