الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قيام أهل وأقارب المتوفى بإحضار الطعام أيام العزاء.. أحوال الاستحباب والتحريم

السؤال

ظهرت في مدينتنا في الجنوب عادات غريبة ملازمة للعزاء، أثارت بعض الشك: العزاء ثلاثة أيام، خلال هذه الثلاثة أيام يقوم أقارب وأصدقاء أهل العزاء بإحضار الغداء والعشاء، فيقول فلان: الغداء عليّ. ويقول الآخر: أنا من سيأتي بالعشاء. وهكذا.
الشك في ما يأتون به، فلقد انتشرت عادة أنهم يأتون بذبائح تكفي أهل المتوفى ومن يأتي لهم، ويقولون إنها صدقة، والأمر الآخر هو: قيام أهل المتوفى بعمل آخر وجبة في الأيام الثلاثة بنية الصدقة عن المتوفى، ويجتمع عليها الناس ممن يأتون للعزاء، فما حكم ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن صنع بعض الأقارب الطعام ثم يأتون به لأهل الميت ويأكلون معهم مواساة لهم، لا بأس به، لحديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: لما جاء نعي جعفر حين قتل قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: اصنعوا لآل جعفر طعامًا، فقد أتاهم أمر يشغلهم، أو أتاهم ما يشغلهم. رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي. وحسنه الألباني، وشعيب الأرنؤوط.
أما إن كان أهل الميت هم الذين يصنعون الطعام: فهذا بدعة محدثة، وحكمه دائر بين التحريم والكراهة الشديدة؛ لقول جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه-: كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.

وإن كان أهل الميت يحبون التصدق فينبغي التصدق على المحتاجين من دون جمع للناس في بيتهم؛ قال الصنعاني في سبل السلام: وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال: {لما جاء نعي جعفر حين قتل قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم} أخرجه الخمسة إلا النسائي. فيه دليل على شرعية إيناس أهل الميت بصنع الطعام لهم لما هم فيه من الشغل بالموت، ولكنه أخرج أحمد من حديث جرير بن عبد الله البجلي: "كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة" فيحمل حديث جرير على أن المراد صنعة أهل الميت الطعام لمن يدفن منهم ويحضر لديهم كما هو عرف بعض أهل الجهات، وأما الإحسان إليهم بحمل الطعام لهم فلا بأس به, وهو الذي أفاده حديث جعفر. اهـ.

وقال الشيخ/ ابن باز -رحمه الله-: (ويستحب إصلاح طعام لأهل الميت يبعث به إليهم إعانة لهم وجبرًا لقلوبهم؛ فإنهم ربما اشتغلوا بمصيبتهم وبمن يأتي إليهم عن إصلاح طعام لأنفسهم؛ لما روى الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، بسند صحيح عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما قال: لما جاء نعي جعفر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((اصنعوا لآل جعفر طعامًا فإنه قد أتاهم ما يشغلهم)) وروي عن عبدالله بن أبي بكر -رضي الله عنهما- أنه قال: فما زالت السنة فينا حتى تركها من تركها.

أما صنع أهل البيت الطعام للناس سواء أكان ذلك من مال الورثة أم من ثلث الميت أو من شخص يفد عليهم: فهذا لا يجوز؛ لأنه خلاف السنة ومن عمل الجاهلية؛ لأن في ذلك زيادة تعب لهم على مصيبتهم وشغلًا إلى شغلهم. وروى أحمد، وابن ماجه، بإسناد جيد عن جرير بن عبدالله البجلي -رضي الله عنه- أنه قال: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة)) انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني