الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدَّين لا يمنع الزكاة في الأموال الظاهرة

السؤال

لماذا لا يشترط السلامة من الدَّين في زكاة الحرث والأنعام؟
وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجمهور أهل العلم على أن الدَّين لا يمنع الزكاة في الأموال الظاهرة؛ كالحرث, والماشية, وقد فصل ابن قدامة في المغني الحكمة من هذا الأمر حيث قال: ولا يمنع الدَّين وجوب الزكاة في الأموال الظاهرة, وهي المواشي والحبوب، قاله في رواية الأثرم ... وذلك لأن وجوب الزكاة في الأموال الظاهرة آكد، لظهورها, وتعلق قلوب الفقراء بها, لرؤيتهم إياها, ولأن الحاجة إلى حفظها أشد, ولأن الساعي يتولى أخذ الزكاة منها ولا يسأل عن دين صاحبها. والرواية الثانية: لا تجب الزكاة فيها ويمنع الدَّين وجوب الزكاة في الأموال كلها من الظاهرة والباطنة، قال ابن أبي موسى: الصحيح من مذهبه أن الدَّين يمنع وجوب الزكاة على كل حال، وهذا مذهب أبي حنيفة، وروي ذلك عن ابن عباس, ومكحول, والثوري، وحكى ذلك ابن المنذر عنهم في الزرع إذا استدان عليه صاحبه؛ لأنه أحد نوعي الزكاة فيمنع الدَّين وجوبها, كالنوع الآخر, ولأن المدين محتاج والصدقة إنما تجب على الأغنياء. اهـ بتصرف.

وفي المنتقى للباجي المالكي: قال القاضي أبو الوليد -رضي الله عنه-: والأظهر في ذلك عندي أن يقال إن الدَّين متعلق بالذمة والدنانير والدراهم، وهما معنى الذهب والورق، ومعظم مقصودهما لا يتعين، وإنما يؤثر في قوة الذمة وضعفها، فلذلك اختص الدَّين بهذا النوع من المال وأسقط حكم الزكاة فيه؛ لأنه لما تعلق به حكم الزكاة وحكم الدين كان الدَّين مقدمًا، وذلك بخلاف زكاة الحرث والماشية، فإن الماشية والثمار والحبوب التي تتعلق بها الزكاة متعينة تتعلق الزكاة بها ولا يتعلق الدَّين بها فقدمت الزكاة فيها على الدَّين. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني