الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التصرف في حق غير المسلم إذا لم يُستطَع رده إليه

السؤال

عندما كنت صغيرة (في الصف الثاني، أو الثالث ابتدائي تقريبا) كنت أدرس في مدرسة أجنبية، وأذكر أنهم أعطوني كتابا لأقرأه وأعيده، وقبل أن أتمه، قرر أهلي نقلي من المدرسة، ونسيت أمر الكتاب ولم أرجعه, الآن وبعد عشر سنوات، تذكرته منذ فترة قليلة.
فماذا أفعل وأنا الآن في بلدي، وبعيدة عن تلك المدرسة كل البعد، وهم كفار، والصدقة لن تنفعهم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالكتاب الذي استعرت من المدرسة المذكورة، يلزمك رده إليها بأي وسيلة ممكنة، فإن تعذر ذلك -بعد بذل ما وسعك من جهد- لزمك التصدق به عنهم.
وقد ورد إلى علماء اللجنة الدائمة سؤال يقول: رجل تعامل مع أحد النصارى، وبقي للنصراني بعد المعاملة بعض الدنانير عند الرجل، واختفى هذا النصراني، وبقيت الدنانير عند الرجل، والمشكلة أنه لا يعرف أين يسكن هذا النصراني، ولا أين هو؟

فأفيدونا -حفظكم الله- ما يفعل الرجل بهذه الدنانير؟
فكان جوابهم: الواجب في مثل هذه الحال: البحث عن صاحب الحق حتى يؤدى إليه حقه، وبما أنك لا تعرف مكان عمله، ولا إقامته، فإنك تتصدق بهذه الدنانير بالنية عن صاحبها، فإن جاء إليك يومًا يطلب حقه، فأخبره بما عملت، فإن أقره، وإلا فادفع إليه حقه. اهـ.
أما قولك إن الصدقة لن تنفع الكفار، فليس على إطلاقه، إذ إنها تنفعهم في حياتهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يظلم مؤمناً حسنةً، يُعطى بها في الدنيا، ويُجزى بها في الآخرة، وأما الكافر، فيُطعم بحسناته ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تكن له حسنة يجزى بها. رواه أحمد بإسناد صحيح.

قال الطبري رحمه الله: من عمل عملاً صالحا في غير تقوى، يعني من أهل الشرك أعطي على ذلك أجراً في الدنيا: يصل رحماً, يعطي سائلاً, يرحم مضطرّا في نحو هذا من أعمال البرّ، يعجل الله له ثواب عمله في الدنيا, ويوسع عليه في المعيشة والرزق, ويقرّ عينه فيما خوّله, ويدفع عنه من مكاره الدنيا في نحو هذا, وليس له في الآخرة من نصيب. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني