الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالة الأجير الخاص إذا عمل لغير مستأجره

السؤال

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سؤالي هو: أنا مهندس أعمل فى شركة عامة (أي مملوكة للدولة)، وقامت بإرسال بعض الإخوة ليتم تأهيلهم ولمدة أربع سنوات خارج الدولة وتم أخيراً إنشاء شركة خاصة في نفس المجال، فيقوم بعض الموظفين بالعمل في الشركة الخاصة دون علم الشركة العامة ويقومون أيضاً بأخذ أوراق الأعمال والمعدات بحجة العمل بها فى الشركة الأم، ويرسلونها إلى الشركة الخاصة بدون أي إذن، ما حكم الأموال التي يتقاضونها من الشركة الخاصة بالدليل من القرآن الكريم والسنة الشريفة، لأنهم يحللون هذه الأموال؟ ووفقكم الله في خدمة المسلمين والإسلام.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الأدوات التي يحملها هؤلاء الموظفون من الشركة للعمل بها في شركة أخرى دون إذن ممن له سلطة الإذن خيانة وتعدٍّ وأكل لأموال الناس بالباطل، وهذا محرم قطعاً، لقول الله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة:188]،
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه..." رواه أحمد وغيره، وصححه الأرناؤوط.
وفي صحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفس منه." وصححه الألباني في صحيح الترغيب وغاية المرام، قال ابن حبان بعد هذا الحديث: (قال ذلك: لشدة ما حرم الله من مال المسلم على المسلم.) انتهى.
أما عن عملهم في الشركة الخاصة فهو جائز إذا لم يكن في أثناء الدوام الرسمي، أو كان أثناء الدوام الرسمي لكن أذن لهم من له حق الإذن في الشركة العامة "شركة الدولة" أما إذا كان في أثناء الدوام الرسمي دون إذن الشركة فهذا لا يجوز قطعاً، لأن الموظف بمثابة الأجير الخاص، الذي يجب عليه أن يُسلم نفسه لرب العمل في كل الزمن المنصوص عليه في العقد، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "المسلمون عند شروطهم." رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم فيكون الأجر المترتب على هذا العمل سحتاً وحراماً لا يحل لمكتسبه أن يمسكه، وتجب عليه التوبة مما حصل منه، ولا يتأتى ذلك إلا بأربعة أمور:
الأول: الإقلاع عن هذا الذنب فوراً.
الثاني: الندم على ما فات منه في الماضي.
الثالث: العزم على عدم العودة إليه أبداً.
الرابع: أن يخبر الشركة بما حصل منه، وحق الشركة في هذه الحالة أن تنقص من أجره بقدر قيمة ما عمل عند غيره، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: (حالة الأجير الخاص إذا عمل لغير مستأجره بغير إذنه، فإنه ينقص من أجره بقدر ما عمل، فلرب العمل أن يسقط من أجره بقدر قيمة ما عمل لغيره، ولو كان عمله لغيره مجاناً.) انتهى.
فإن خاف العامل على نفسه من أن يفصل من الشركة، أو يحُاكم فيسجن، فله رد هذا المال دون علم الشركة، وهذا ميسور في زماننا حيث يمكنه وضع هذه الأموال في حساب الشركة دون أن يعلم به أحد، أو غير ذلك من الطرق، ويكون حساب هذه المدة دقيقاً إن أمكن، فإن تعذر عليه حسابها بدقة، قدرها بناءً على غالب ظنه، وليحتط في ذلك على نفسه فإنه أبرأ لذمته، وراجع الفتوى رقم: 19755.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني