الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من طلق زوجته طلاقا صريحا وآخر معلقا وثالثا كناية وما حقوقها عند حصول الطلاق؟

السؤال

أنا مصري، متزوج منذ أربع سنوات، مقيم بالخارج أنا وأسرتي، وكانت هناك في الفترة الأخيرة الكثير من الخلافات بيني وبين زوجتي، والتي كانت مريضة باكتئاب نفسي قبل الزواج، مع العلم أن أهلها لم يخبروني وقتها بذلك، وكانت عصبية جدا وخلقها سيئ. مع العلم أنني ضربتها مرتين، وقمت بنطق كلمة الطلاق مرة واحدة صراحة، ومرة أخرى تهديدا وتعليقا ـ وليس بنية الطلاق ـ ويشهد الله على كلامي ـ وبعد استفزازات عديدة قلت باللفظ: اعتبري نفسك طالقا ـ وقد رزقنا الله ببنت تبلغ 3 سنوات، وزوجتي مصرة على الطلاق بشدة، وقامت بترك البيت، وجلست عند زوجة أحد أصدقائنا، وهي تعاني حاليا من الاكتئاب، وتقول هلاوس وخرافات عديدة، وهي حاليا تقيم عند والدتها بمصر، والسؤال هو: هل يتم الطلاق، مع العلم أنني من أشد المحافظين على استقرار ولم شمل الأسرة، وأحب زوجتي جدا، خاصة في محنتها ولا أريد تركها في هذه الظروف؟ وهل تعتبر ناشزا؟ وما هي حقوقها؟ وهل لها مؤخر الصداق، مع العلم أنها قالت لي قد أبرأت ذمتك من المؤخر، وكنت اشتريت لها الكثير من الهدايا؟ وماذا عن قائمة المنقولات بالشقة؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي فهمناه أنك تلفظت بالطلاق مرة، وعلقت الطلاق مرة أخرى بقصد التهديد، ثم قلت في الثالثة اعتبري نفسك طالقا فإذا كان الأمر هكذا، فإن الطلاق قد وقع في المرة الأولى اتفاقا، وفي المرة الثانية ـ إذا وقع المعلق عليه ـ عند جمهور أهل العلم، خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية ومن معه القائلين بأن الطلاق المعلق إذا كان بقصد التهديد لا يقع ويعتبر يمينا فقط.

أما في المرة الثالثة: فإن العبارة المذكورة تعتبر من كنايات الطلاق، فإن كانت بنية الطلاق، فهي طلاق أيضا وإلا فلا ، وانظر الفتويين رقم: 39094، ورقم: 52773.

وبخصوص ما ذكرت من إصابة الزوجة بالاكتئاب والاضطراب الوجداني وكون أهلها لم يخبروك بذاك؛ فإنه ليس موجبا للخيار ما لم يصل بها هذا المرض إلى حد الجنون، كما أنه لو كان موجبا للخيار، فإن الخيار يكون قد سقط بحصول الرضا والتلذذ، كما هو الواقع هنا، فقد ذكرت أن لديك بنتا من المرأة المذكورة، يقول خليل: الخيار إن لم يسبق العلم أو لم يرض أو يتلذذ... اهـ.

والظاهر من حال زوجتك أنها مدركة للأمور، وأن ما بها ليس له حكم الجنون، ومن ثم فإن خروجها من البيت بغير إذنك يعتبر نشوزا مسقطا لحقها في النفقة والسكنى ونحو ذلك، ولكن لا يسقط حقها في الصداق؛ سواء مقدمه أو مؤخره، إلا إذا كانت هي من أسقطت حقها في ذلك بعد أن تقرر لها على الزوج، فإن ذلك منها يعتبر هبة صحيحة بشرط أن تكون بالغة عاقلة رشيدة، وانظر الفتوى رقم: 28137.

أما عن قائمة المنقولات: فقد بينا في الفتوى رقم: 126333، أنها في العرف المصري تعد جزءا من المهر، والمهر حق للزوجة.

وبالتالي، فإن تلك المنقولات من حق الزوجة ما لم تهبها أو تتنازل عنها للزوج.

وأما ما يتعلق بالهدايا التي يقدمها الزوج إلى زوجته بعد العقد من الحلي وغيره: فيرجع الحكم فيها إلى العرف أو الشرط، فإن جرى العرف بها، أو اشترطت في العقد أو قبله، فهي كالصداق تملكه كله بالدخول، أما إذا لم يكن هناك عرف ولا شرط، فهي هدية، والأصل أنه لا يجوز الرجوع فيها، قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة، فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أصحاب السنن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني