الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم سداد الابن دين أبيه من مال أبيه دون علمه

السؤال

يوجد لدينا محل بقالة نؤجرها على أشخاص، ولا نستفيد منها إلا أجرة المحل، أما البضاعة والمكاسب فلهؤلاء الأشخاص، وكل شهر نشتري من هذه البقالة بدَين، والمفترض أن نسدد هذا الدَّين بعد نهاية الشهر لأصحابه، ولكننا نشتري بقيمة أكبر من قيمة أجرة المحل، فتخصم قيمة الأجرة التي لنا من الدَّين الذي علينا، ويتبقى لهم مبلغ يجب تسديده، ومع ذلك لم يكن يسدده أبي قبل أن يمرض، والآن بعد أن مرض قلت بما أنني أستطيع تسديد هذا الدَّين فسأسدده من مال أبي لكي لا آكل حرامًا، فقام الكل يلومونني (إخواني الأكبر مني وأمي وأخواتي) وصارت مشكلة عريضة، واتهمت بالسرقة، حيث يقول أخي: "إن هذا من السرقة لمال أبي". وأنا فعلت ذلك من أجل أن لا آكل حرامًا، والآن أمي في وضع محرج لأن أبي رأى المال قد نقص بشكل كبير، فكذبت عليه وقالت إننا استفدنا منه لإكمال شقة أخي، فما حكم تسديدي هذا الدَّين هل يعتبر من السرقة؟ علمًا أنني سبق وأن قلت لأبي أننا سنأخذ من ماله إذا احتجنا لكي لا آخذ بدون إذنه، ولكنه ظهر لي أنه لا يريد أن أسدد هذا الدَّين، وأمي الآن تطلب مني إعادة المبلغ بعد أن سددته، فهل يلزمني ذلك؟ وهل يجوز لي أن أشتري لأهلي وآكل مما يشترون من هذه البقالة ما دام الوضع كذلك، والذنب يكون على المسؤول الأول أبي أو أخي الأكبر؟
وجزيتم خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز للولد التصرف في مال الوالد والأخذ منه من دون إذنه إلا في حالة واحدة، وهي ما إذا منعه النفقة الواجبة إن كانت لازمة له، فيكون للولد حينئذ أخذ نفقته بالمعروف من دون إذن والده.

وعلى هذا؛ فإن ما أقدمت عليه من التصرف في مال أبيك دون إذنه وتسديد دَينه منه دون أمره خطأ لا يجوز، وأنت بتصرفك ذلك ضامن لما تصرفت فيه من ماله من غير إذنه إلا إذا أجاز تصرفك وأمضاه.

وبالتالي؛ ينبغي أن تخبر الوالد بما فعلت، وتعتذر إليه، وتتلطف معه في النصح؛ لكي يقضي ما عليه من دَين، أو ترد المال إليه دون إخباره إن خشيت مفسدة بذلك.

ولتعلم أنك لست مسؤولًا عن قضاء دَينه، وأنه لا يحرم عليك الأكل من ماله لمجرد كونه مماطلًا، فإن ماله حلال؛ لأنه ملكه بطريقة صحيحة، والدَّين متعلق بذمته لا بذات المال.

وراجع الفتوى رقم: 76201 حول موقف الأبناء من الأب المماطل في سداد دَينه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني