الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليست كل البيوت تبنى على الحب

السؤال

أنا رجل مسلم متزوج ولي بنتان أعيش في أوروبا منذ 10 سنوات تزوجت بزوجتي التي لم أكن أحبها وهي تعرف ذلك حاولت مرارا وتكرارا أن أتقرب إليها وأصطنع الحب فلم أقدر، أنام معها وأنا مكره، أحرمها من كل حقوقها الشرعية أهرب من نظراتها صليت وتقربت ودعوت الله أن يجد لنا الحل وذلك من أجل البنات صبرت وصبرت هي ما فيه الكفاية مرضت ومرضت هي أيضا بالأعصاب حاولنا مرارا تفادي الطلاق في السنوات الأخيرة أنام معها مرة واحدة في الشهر أو الشهرين نتعذب نحن الاثنين الآن قررت الانفصال انصحوني أفادكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالإسلام ينظر إلى الحياة الزوجية بوصفها سكناً وأمناً وسلاماً، وينظر إلى العلاقة بين الزوجين بوصفها مودة ورحمة وأنساً، ومن ثم يكره فصم عقدتها إلا عند الضرورة القصوى، قال تعالى: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء: 19]
فيدعو سبحانه إلى التريث والمصابرة حتى في حالة الكراهية، ويفتح الأعين على العاقبة الحميدة: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء: 19]
فلعل في هؤلاء النسوة المكروهات خيراً، وأن الله يدخر لهم الخير.
فلا يجوز أن يفرطوا فيه وينبغي لهم أن يستمسكوا به، هذا كي يستمسك الزوجان بعقدة الزوجية فلا يقدمان على فصمها لأول خاطر، وكي يستمسكا بهذه العقدة فلا يقدمان على فكها لنزوة، وما أعظم قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرجل أراد أن يطلق زوجته "لأنه لا يحبها" .: ويحك! ألم تبن البيوت إلا على الحب؟ فأين الرعاية وأين التذمم.
فإذا تجاوز الأمر مسألة الحب والكره إلى النشوز والنفور فليس الطلاق أول خاطر يهدي إليه الإسلام، بل لا بد من محاولة يقوم بها الآخرون وتوفيق يحاوله الخيرون قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيرا [النساء:35].
وقال تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:28].
ومن الصلح أن ترضى المرأة أن يتزوج زوجها بأخرى مع إمساكها، فإذا لم تجد هذه الوساطة، فهناك ما لا تستقيم معه هذه الحياة، وإمساك الزوجة على هذا الوضع قد يترتب عليه كثير من الفساد، ومن الحكمة هنا التسليم بالواقع، وإنهاء هذه الحياة الزوجية، واعلم أخي ـ وفقك الله ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على حسن معاشرة النساء وأوصى بهن كثيراً كما قال صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي.
وقوله: استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، وإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء. متفق عليه.
وفي حديث آخر: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر. رواه أحمد ومسلم، والفرك هو: الكراهية، وتراجع للأهمية الفتوى رقم: 5291، والفتوى رقم: 6897.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني