الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صفة اليمين المنعقدة وكيفية التكفير عن أيمان لا يعرف عددها

السؤال

أنا كثيرة الحلف جدا جدا لدرجة أني ما أقدر أن أفرق بين اللغو والمنعقد، وحاولت أن أفرق وما قدرت، وأنا أعرف أن المنعقدة هي العزم على فعل شيء بالمستقبل والحنث فيه، واللغو يمين يجري لسانك في الحاضر أو الحلف على شيء ويتبين لك أمر آخر، ولا أدري كم مرة حلفت كثيرا جدا جدا جدا وما أقدر أكفر بإطعام لأنه ما عندي مالا عمري 16 سنة، والصيام صعب علي يعني بالمدرسة أو أقضي ما فات من رمضان، وأنا حلفي بمثابة كذا ـ والله العظيم يا فلانة لا تفعلين كذا وكذا ـ ودائما أحلف وحاولت لكن ما قدرت، ومرة قلت لإخواني سأترك الحلف نهائيا فيضحكون، قلت والله العظيم لأتركنه، وهذا دليل على أن حلفي كثير، ماذا أفعل؟ وعلي كفارات كثيرة وما قدرت أفرق بين اليمين المنعقدة واللغو، وأحيانا الله يغفر لي على الكذب وأستغفر سريعا، أحلف على الكذب غير قاصدة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فينبغي للمسلم أن لا يكثر الحلف، وقد قال عز وجل: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ... {البقرة:224}، وقال: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة:89}.

وبالتالي، فإنا نوصيك بأن تعودي نفسك على ترك الحلف لغير حاجة، وبخصوص ما تسألين عنه؛ فما كان من الأيمان جار على لسانك دون قصد الحلف فلا كفارة فيه، وكذا إذا حلفت على شيء تظنينه فيتبين خلافه، قال ابن قدامة في المغني: (وَمَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ كَمَا حَلَفَ، فَلَمْ يَكُنْ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ) أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا. قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. اهـ

وقال أيضا: الْيَمِينَ الَّتِي تَمُرُّ عَلَى لِسَانِهِ فِي عَرَضِ حَدِيثِهِ، مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَيْهَا، لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ; لِأَنَّهَا مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ، نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: اللَّغْوُ عِنْدِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْيَمِينِ، يَرَى أَنَّهَا كَذَلِكَ، وَالرَّجُلُ يَحْلِفُ فَلَا يَعْقِدُ قَلْبَهُ عَلَى شَيْءٍ. اهـ .
وكذلك لا كفارة أيضا في اليمين الكاذبة عند الجمهور وهي يمين الغموس، وإنما فيها التوبة إلى الله تعالى.

وأما إن حلفت قاصدة اليمين على فعل أمر ما أو عدم فعله في المستقبل فإنك إذا حنثت وجبت عليك الكفارة، وكذا إن حلفت على شخص ليفعلن شيئا فأحنثك ولم يفعله، أو حلفت عليه لا يفعله ففعله ففي كل ذلك تلزمك الكفارة كما سبق بيانه في الفتويين التالية أرقامهما: 135177، 236074.

والكفارة مبينة في قول الله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89}،

فإذا كنت عاجزة عن كل من الإطعام والكسوة والعتق فإنك تنتقلين إلى الصيام، فتصومين 3 أيام عن كل يمين لزمتك عنها كفارة، ولتنظري الفتوى رقم: 79783، ففيها بيان ما يترتب على تعدد الأيمان واتحاد المحلوف عليه أو تعدده، أو اتحاد اليمين مع تعدد المحلوف عليه.

وإذا لم تعلمي عدد الكفارات التي لزمتك فإنك تجتهدين في ذلك ولك الأخذ بالأقل، ـ إذا لم تستطيعي معرفة عددها بالضبط ـ فإذا شككت هل هي خمس أو عشر مثلا اعتبرتها خمسا؛ لأن الأصل براءة الذمة، وراجعي الفتوى رقم: 278446.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني