الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية تطهير النجاسات

السؤال

عندي أسئلة بخصوص وضوء وصلاة صاحب سلس البول والمذي والودي، والفتوى المرجحة في الموقع هي غسل النجاسة والوضوء لكل صلاة:
1ـ السؤال:
ما هو الدليل على وجوب غسل النجاسة عند كل صلاة؟.
2ـ الواقع:
وهو تجربتي الممتدة أكثر من سبع سنوات، غسل النجاسة خمس مرات في اليوم أمر مستحيل، فإذا غسلت النجاسة في الصباح وهو سهل إذا بت ليلتي في البيت، يأتي بعد ذلك الظهر وأكون في العمل، وغسل البدن والثياب غير ممكن، ثم يأتي بعد ذلك العصر والمغرب والعشاء وهي متتالية، أكون خارج المنزل لعمل أو عند الأقارب أو الأصدقاء، فعندما أكون خارج المنزل أيضا غسل البدن والثياب أمر صعب، وإذا افترضنا بقائي في المنزل طوال الوقت فإن غسل البدن الذي أصابته النجاسة أعني الفرج وما حوله والثياب أمر فيه مشقة خمس مرات في اليوم، هذا من غير البرد في الشتاء.
3ـ في هذه المدة استعملت عصابة من النايلون المستخدم في الطبخ، ألفها وأربطها بإحكام حول الفرج، وأستعملها مرة واحدة عند كل صلاة وأرميها وأستعمل عصابة أخرى وهكذا، فيكون الفرج مغلفا بالنايلون طوال الوقت فلا تنتشر النجاسة، وهي سهلة التغيير، ولكن النايلون سبب لي جروحا في الفرج وعند الانتصاب تفتح هذه الجروح وتسبب آلاما شديدة ولا أعرف بعد الزواج ماذا أفعل، وإذا قلنا إن العصابة تكون من قماش فهذا أمر شاق جدا، فغسل العصابة عند كل صلاة ولفها حول الفرج متعب جدا، وإذا تجاوزنا أمر المشقة، فهناك البرد في الشتاء من العصابة المبللة بعد غسلها وتعصيبها، وإذا قلنا بإعداد عدة خرق من القماش ورميها فأنا أحتاج أمتارا من القماش في كل شهر، هذا والقماش الرقيق يسرب النجاسة والقماش السميك الذي لا يسرب النجاسة يجعل الفرج لا يدخله الهواء وهذا مع السنين يكون غير صحي باعتبار أن العصابة تكون ملفوفة حول الفرج طوال الوقت، كل هذا وأنا موجود داخل المنزل، وإذا كنت خارج المنزل فحدث ولا حرج من المشقة.
4ـ الأحاديث المأخوذة من الموقع:
حديث: تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتصوم وتصلي وتتوضأ عند كل صلاة ـ وحديث فاطمة بنت حبيش أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها عندما شكت إليه الدم: امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي وصلي ـ فما المقصود بالغسل في الحديثين: تغتسل، واغتسلي؟ وهل هو غسل الجنابة كما أفهم الذي يكون مرة واحدة؟ فلم يرد في الحديثين إشارة إلى وجوب غسل النجاسة ـ الدم ـ عند كل صلاة وقياسا عليه البول.
5ـ الخلاصة: أستطيع الوضوء لكل صلاة بلا مشقة، أما غسل النجاسة لكل صلاة: فهو عين المشقة، فما هو دليلكم على أن غسل النجاسة لكل صلاة واجب، وأيضا أن عمل العصابة واجب، أريد لو تفضلتم حديثا صحيحا يوجب علي غسل النجاسة عند كل صلاة، أعرف الفتوى العامة: وما جعل عليكم في الدين من حرج ـ أريد دليكم الواضح الصريح صحيح السند على أنه يجب علي غسل النجاسة عند كل صلاة من الثياب والبدن.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد أطلت أخي السائل في سرد سؤالك بما يمكن الاستغناء عنه بالخلاصة التي ذكرت فيها ما تريد أن تسأل عنه، ونحن نجيبك على ما في تلك الخلاصة فنقول إن المفتى به عندنا أن صاحب السلس مطالب بغسل النجاسة، فإن شق عليه ذلك وشق عليه تبديل العصابة في كل وقت صلى على حاله بعد الوضوء بعد دخول الوقت، وأما دليل وجوب غسل النجاسة إذا تكررت فهو كل الأدلة الدالة على إزالة النجاسة من بدن المصلي وثوبه وبدنه، كقول الله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ {المدثر: 4}.

والدليل الخاص بوجوب غسل النجاسة إذا تكرر خروجها ما في الصحيحين من حديث عَلِيٍّ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَسَأَلَ فَقَالَ تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ.
فقوله: مَذَّاءً ـ أي كثير خروج المذي، ومع ذلك أمره بغسل الذكر لخروجه، ولم يقل له يكفيك أن تغسله مرة واحدة. والأصل وجوب إزالة النجاسة ولو تكررت، فمن ادعى أنه لا يلزم غسلها إذا تكررت فهو المطالب بإقامة الدليل على دعواه، وإلا فالأصل أنها كلما وُجِدَتْ غُسِلَتْ، ولكن إذا بلغ الأمر حد المشقة والحرج، فإن الأدلة الشرعية دالة على رفع الحرج والمشقة، فيرجى أنه لا يلزمه ذلك.

ودليل شد عصابة على مخرج النجاسة لمن به سلس حديث النبي صلى الله عليه وسلم: حين أمرَ حمنة بنت جحشٍ أن تتلجم وتستثفر بثوب حين كانت مستحاضة. والحديث صححه الترمذي، وحسنه البخاري.

فهذا صريح في بابه، وانظر الفتوى رقم: 114820، عن التساهل بترك التحفظ، والفتوى رقم: 152591، في ما يلزم من ابتلي بكثرة خروج الدم وتلوث ثيابه الداخلية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني