الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى: واضمم إليك جناحك من الرهب

السؤال

قال الله تعالى لموسى: {واضمم إليك جناحك من الرهب}. أرجو أن توضحوا لي طريقة ذلك وكيفيته بشكل واضح؛ لأني قرأت بعض التفاسير لكن لم أفهم جيدًا هيئة ذلك وصورته، وهل لذلك أثر في تخفيف الخوف عن كل شخص أم هو خاص بموسى -عليه السلام-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الله تعالى أمر موسى -عليه السلام- بأن يضم ذراعه وعضده إلى جنبه؛ فقد قال ابن كثير: ... أن يضم إليه جناحه من الرهب، وهي يده ... وقال الطبري: (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ) يقول: واضمم إليك يدك ...

ومن أوضح ما ذكر أهل العلم في هذا قول الألوسي في روح المعاني (10/ 284): قال مجاهد وابن زيد: أمره سبحانه بضم عضده وذراعه وهو الجناح إلى جنبه ليخف بذلك فزعه، ومن شأن الإنسان إذا فعل ذلك في وقت فزعه أن يقوى قلبه. وقال الثوري: خاف موسى -عليه السلام- أن يكون حدث به سوء، فأمره سبحانه أن يعيد يده إلى جنبه لتعود إلى حالتها الأولى، فيعلم أنه لم يكن ذلك سوءا، بل آية من الله -عز وجل-، وقريب منه ما قيل: المعنى إذا هالك أمر لما يغلب من شعاعها فاضممها إليك يسكن خوفك.

وفي الكشاف فيه معنيان:

أحدهما: أن موسى -عليه السلام- لما قلب الله تعالى العصا حية فزع واضطرب فاتقاها بيده كما يفعل الخائف من الشيء، فقيل له: إن اتقاءك بيدك فيه غضاضة عند الأعداء فإذا ألقيتها فكما تنقلب حية فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها ثم أخرجها بيضاء ليحصل الأمران: اجتناب ما هو غضاضة عليك، وإظهار معجزة أخرى.

والمراد بالجناح اليد؛ لأن يدي الإنسان بمنزلة جناحي الطائر، وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضده اليسرى فقد ضم جناحه إليه.

والثاني: أن يراد بضم جناحه إليه تجلده وضبطه نفسه وتشدده عند انقلاب العصا حية حتى لا يضطرب ولا يرهب استعارة من فعل الطائر لأنه إذا خاف نشر جناحيه وأرخاهما، وإلا فجناحاه مضمومان إليه مشمران.

ومعنى من الرهب: من أجل الرهب؛ أي: إذا أصابك الرهب عند رؤية الحية فاضمم إليك جناحك، جعل الرهب الذي كان يصيبه سببًا وعلة فيما أمر به من ضم جناحه إليه. اهـ.

وأما عن أثر ذلك في تخفيف الخوف عن كل شخص: فظاهر كلام مجاهد السابق يدل عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني