الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب ورثة من مات بعد وجوب الزكاة عليه ولم يخرجها

السؤال

توفي أبي ولم يدفع زكاة ماله لمدة عامين، وكان لا يدفع الزكاة، لأنه يخشى من نقصان المال، لأنه لم يعد لديه مورد مالي وحالته وحالة أمي الصحية متدهورة وينفق على أخي العاجز، وبعد وفاته رفض الورثة إخراج الزكاة من المال وأعطوه لوالدتي وأخي، وقرروا إخراج الزكاة من إيجار بيت لنا في دولة أخرى، وربما تحتاج الزكاة لأكثر من عشر سنوات ليتم إخراجها بتلك الطريقة، فأحببت أن أخرج الزكاة عن والدي من نصيبي من التركة، ولكن قيمة الزكاة للسنتين ستعادل نصيبي كاملاً تقريباً، فأرجو منكم المشورة وبيان رأي الشرع في ذلك، وهل الأنسب إخراج كامل الزكاة من حصتي في التركة؟ أم إخراج نسبة من الزكاة تعادل ما كان سيحسم من حصتي لو أن الزكاة تم دفعها قبل التوزيع؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لأبيك، ثم نقول: ما دام أبوك قد توفي بعد وجوب الزكاة عليه في ماله ولم يخرجها لسنتين، فالواجب إخراج الزكاة من ماله عن السنتين اللتين لم يزك خلالهما، لأن الزكاة لا تسقط عن الميت إذا مات بعد وجوبها، ففي الفروع لابن مفلح: ولا تسقط زكاة بالموت عن مفقود وغيره، وتؤخذ من التركة، نص عليه، ولو لم يوص بها كالعشر. اهـ.

وإخراج الزكاة الواجبة على الميت في حياته يكون قبل تقسيم تركته على ورثته، وراجع الفتوى رقم: 42049.

وراجع أيضا الفتوى رقم: 35577، حول كيفية الزكاة عن السنتين اللتين لم يزك فيهما أبوك.

ومما تقدم يعلم أن ما قام به الورثة من رفض إخراج الزكاة من مال الميت خطأ جسيم، وكان عليهم أن لا يوزعوا المال إلا بعد إخراج جميع الحقوق المتعلقة به ومنها الزكاة، وبالتالي، فالذي نراه الآن أن تجتمع بأمك وأخيك وبقية الورثة ـ إن وجدوا ـ وتطلب منهم إخراج الزكاة عن كل المال الذي تركه أبوكم، فإن استجابوا لذلك فنعما هي، وإن لم يستجيبوا فيكفيك إخراج الزكاة عن حصتك بحسب نسبتها في مجموع المال، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 147983.

وما قرره الورثة من إخراج الزكاة من إيجار البيت المشار إليه والذي يستغرق إخراجها منه عشر سنوات ـ كما ذكرت ـ غير جائز، لما فيه من تأخير الزكاة عن مستحقيها لغير عذر، قال ابن قدامة في المغني: تجب الزكاة على الفور، فلا يجوز تأخير إخراجها مع القدرة عليه، والتمكن منه، إذا لم يخش ضرراً، وبهذا قال الشافعي.... قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل عن الرجل يحول الحول على ماله، فيؤخر عن وقت الزكاة؟ فقال: لا، ولم يؤخر إخراجها؟ وشدد في ذلك قيل: فابتدأ في إخراجها فجعل يخرج أولاً فأولاً، فقال: لا، بل يخرجها كلها إذا حال الحول. انتهى بتصرف.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني