الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أظن أنني حلفت منذ ثلاث سنوات على عدم دخول بيت جدتي بسبب طرد عمتي لي من البيت، لكنني دخلت بعدها مرات عديدة لأزور جدتي وعندما دخلتها أول مرة بعد الانقطاع، تيقنت أنه تجب عليّ كفارة اليمين دون أن أتذكر أنني حلفت لفظا أو مجرد عزم على عدم الدخول، ومع هذا وللأسف تهاونت في قضاء الكفارة التي ظننت أنها صيام ثلاثة أيام، لأنني طالب ولا أستطيع إطعام عشرة مساكين، فلا دخل عندي غير ما يعطيني أبي، ومنذ يومين بدأت في الصيام وبقي لي يوم واحد، علما بأنه لا مال عندي يكفيني لإطعام عشرة مساكين، لكن اختلطت علي الأمور وأصبحت أظن أنه يجب علي إطعام عشرة مساكين، فلدي دخل بسيط، وهو المنحة الدراسية 4000 دينار جزائري كل ثلاثة أشهر، وأظن أنها بعد شهرين تكون متوفرة، فهل يجب عليّ إطعام عشرة مساكين؟ أم صيامي لثلاثة أيّام هو الصحيح؟ وإن كان يجب عليّ إطعام عشرة مساكين فهل يكون إطعامهم بنفس قيمة زكاة الفطرـ 100 دينار جزائري ـ أو وجبة واحدة أم كيف؟ كما أنني لا أعرف كيف وأين أجد عشرة مساكين فهل هذا عذر لصيام ثلاثة أيّام؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور, وستكون الإجابة كما يلي:

1ـ إذا كنت تشك في كونك قد حلفت أصلا, فلا كفارة عليك, لأن الأصل عدم اليمين حتى يثبت بيقين, أما إذا كنت تحققت من الحلف, أو غلب على ظنك, فتكون يمينك قد انعقدت, فغلبة الظن تنزل منزلة اليقين عند أكثر أهل العلم, وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 256999, 97011، 180871.

2ـ وفي حال انعقاد اليمين والحنث فيها بدخول دار جدتك عامدا، تلزمك كفارة يمين, وإن كان الدخول نسيانا, ففي الكفارة خلاف بين أهل العلم, وسبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 162089.

3ـ وتكرار الدخول لا تلزم فيه إلا كفارة واحدة، لأن يمينك قد انحلت، بالحنث أول مرة, إلا إذا كانت صيغة اليمين تفيد التكرار, ككلما, أو مهما، أو قصدت بيمينك تكرار الحنث كلما دخلت، فإن الكفارة تتكرر بتكرر الحنث حينئذ, كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 299875.

4ـ إذا كنت ستجد ما يكفي للكفارة بعد شهرين مثلا, ووجدت من يسلفك مقدار الكفارة, فلست بعاجز, وبالتالي, فلا يجزئك الصيام في هذه الحالة, جاء في الشرح الصغير للدردير المالكي أثناء الحديث عن هذا الموضوع: ومن وجد مسلفا مع القدرة على الوفاء، فليس بعاجز. انتهى.

وراجع المزيد في الفتوى رقم: 145443.

5ـ مقدار كفارة اليمين هو كيلو ونصف، من غالب طعام أهل البلد, وهي تختلف عن زكاة الفطر التي هي صاع: ثلاث كيلو تقريبا ـ والكفارة لا تخرج إلا من الطعام عند الجمهور, ومن أهل العلم من يقول بجواز إخراجها نقودا, وراجع في ذلك الفتويين رقم: 146855, ورقم: 26376.

ومن لم يجد مساكين في بلده, فإنه يرسل الكفارة إلى أقرب بلد فيه مساكين, ولا ينتقل إلى الصيام, ويجوز دفع الكفارة لجمعية خيرية يوثق بها لتتولى توزيعها على مستحقيها, وراجع المزيد في الفتوى رقم: 200663.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني