الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فضل حمد الله على كل حال وإخفاء الهموم لنيل فضيلة الصبر

السؤال

هل يجوز عند ما يسألني أحد: "ما أخبارك؟" أقول: "الحمد لله" وأنا متعبة أو حتى أكون مهمومة؟ وعند ما يسألني شخص بقوله: "ما أهمك؟" أقول: "لا شيء" إما لأني لا أريد أن أحزنه أو لكي لا يذهب أجري؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجوز للمسلم إذا سُئل عن حاله أن يحمد الله، بل ينبغي له أن يكثر من حمد الله تعالى، ويعبر عن رضاه بما قدر عليه؛ فيحمده على كل حال في السراء والضراء، فالمكثرون من حمد الله هم أفضل الناس يوم القيامة؛ قد روى الطبراني: "عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَمَّادُونَ". صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزياداته.
وروى الحاكم في المستدرك: "عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى إِلَى الْجَنَّةِ الَّذِينَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ». هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".

وعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ»، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ». رواه ابن ماجه، وغيره، وحسنه الألباني.

ولا حرج عليه أن يخبر بحاله إذا كان مهمومًا أو مريضًا ما لم يكن ذلك على سبيل التسخط والتشكي من قدر الله؛ فإن الشكوى والتضجر من قدر الله صاحبها على خطر عظيم؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم؛ فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
ولكن كتمان ذلك وحمد الله وذكره أولى وأفضل، وخاصة إذا كان ذلك حفاظًا على أجر الصبر، أو لا يريد أن يحزن غيره؛ فقد قال الغزالي في إحياء علوم الدين: "من كمال الصبر كتمان المرض ... "

ولا حرج عليك في قول "لا شيء" لمن سألك عن همك أو تعبك لاحتماله أكثر من معنى؛ فهو من باب التورية والمعاريض التي فيها مندوحة عن الكذب. وانظري الفتوى رقم: 224125، وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني