الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفتوى بحرمة تعلم المرأة علم الرياضيات فتوى غير صحيحة

السؤال

أنا معلمة رياضيات، قرأت فتوى لأحد المشايخ تقول إنه ليس للمرأة تعلم الرياضيات، لأنها لا تفيدها، فما حكم تدريسي لهذه المادة؟ ولو فرضنا أنها مادة غير مفيدة للنساء، فهل راتبي يعتبر مالا حراما؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك في خطأ هذه الفتوى المذكورة، بل الصواب المقطوع به هو جواز تعلم علم الرياضيات للرجال والنساء، بل تؤجرين ـ إن شاء الله ـ على تعلُّمه وتعليمه إن حسُنت نيتك في ذلك، كما بيناه في الفتويين رقم: 122837، ورقم: 183775.

وقد قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ في شرح رياض الصالحين: العلوم تنقسم إلى قسمين: قسم يراد به وجه الله: وهو العلوم الشرعية، وقسم آخر ـ علم الدنيا: كعلم الهندسة والبناء والميكانيكا وما أشبه ذلك، فأما الثاني ـ علم الدنيا ـ فلا بأس أن يطلب الإنسان به عرض الدنيا، يتعلم الهندسة ليكون مهندسا يأخذ راتبا وأجرة، ويتعلم الميكانيكا من أجل أن يكون ميكانيكياً يعمل ويكدح وينوي الدنيا، هذا لا حرج عليه أن ينوي في تعلمه الدنيا، لكن لو نوى نفع المسلمين بما تعلم لكان ذلك خيراً له وينال بذلك الدين والدنيا. اهـ.

ودعوى أنه علمٌ لا فائدة فيه دعوى باطلة، بل هو علمٌ تقوم به أممٌ اليوم، وتقوى به سواعدها، ويعلو به بعضها على بعض، بل إن عليه اعتمادَ أبوابٍ من أبواب الفقه، كزكاة المال، وقسمة المواريث والتركات والوصايا، وأبواب المعاملات والبيوع والشركات والقسمة، وغير ذلك، بل لا يمكن إعداد القوة اليوم لجهاد العدو ومواجهة الأمم الباغية إلا به، فإنه أصل هندسة وتصميم الأسلحة والرادارات والسيارات والطائرات، كلُّ ذلك قائمٌ عليه، وقد قال الله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ {الأنفال:60}.

بل هو من فروض الكفاية التي لا تقوم كثير الحرف والصناعات الضرورية اليوم إلا به، فإن أطبق أهل البلد على تركه أثموا، إلا أن يقوم بها من تقوم بهم الكفاية، قال النووي في روضة الطالبين: وأما الحرف والصناعات وما به قوام المعايش، كالبيع والشراء والحراثة، وما لابد منه حتى الحجامة والكنس، فالنفوس مجبولة على القيام بها، فلا تحتاج إلى حث عليها وترغيب فيها، لكن لو امتنع الخلق منها، أثموا وكانوا ساعين في إهلاك أنفسهم، فهي إذن من فروض الكفاية. اهـ.

ودعوى أن المرأة لا تحتاجه دعوى غير صحيحة، بل تحتاجه لنفسها لتعرف الحساب، ولأبنائها حتى تعلمهم وتذاكر لهم في بيتها، ثم تُخرج للأمة منهم الفقيه والمهندس والطبيب والمحاسب وغيرهم، وأقل ما فيه أنه رياضة لذهنها، فمن أفتى بحرمته أو منعه على المرأة ـ لو فرض ـ فقد افترى على الله ورسوله وأفتى بغير علم، لكن يجب عند تدريسك هذا العلم أن يكون وفق الضوابط الشرعية، وراجعي الفتوى رقم: 67685.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني