الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تعليق الصور الفوتوغرافية

السؤال

قرأت عدة فتاوى عن حكم تعليق صور الأهل في البيت، ولاحظت أن التحريم مُعلل بالتعظيم. فهل حرام تعليق صورة جدتي -رحمها الله- وإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، مع أني لا أعظمها وتوحيدي لله خالص ولا أشرك بربي أحدًا؟
وماذا لو كان الْمراد من التعليق (صورة الوجه فقط) عدم نسيان الجدة التي ربتني، والأخت التي توفيت ولم تنجب، ومن الوفاء عدم نسيانها، وكل ما رأيت صورتها تذكرتها ودعوت لها بالرحمة ولأموات المسلمين؟ مع العلم أني دائم الترحم عليهن في السجود، ولكن عند ما أرى صورهن في وقت غير الصلاة أذكرهن بخير، وإن زارني أحد قد يترحم عليهن؟
وجزاكم الله خيرًا، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالصورة الفوتوغرافية مختلف في حكمها، وقد بيّنّا ذلك في الفتوى رقم: 10888.

وذكرنا في الفتوى رقم: 245428، والفتوى رقم: 581، والفتوى رقم: 70390 حرمة تعليق الصور الفوتوغرافية، كما هو مذهب كثير من أهل العلم، وأوردنا بعض الأدلة على ذلك، ومنها: ما أشار له السائل من سد ذريعة التعظيم والغلو في حق من تعلق صورهم.

وإذا كان هذا الأمر غير مطروح بالنسبة للسائل -كما ذكر- فهذا لا يكفي في زوال التحريم عند من قال به؛ لأن الأمر لا يقتصر على مسألة التعظيم، بل هناك أدلة وعلل أخرى أشرنا إليها في الفتاوى السابقة.

أضف إلى هذا: أن تعظيم صاحب الصورة -وإن لم يحصل الآن- قد يحصل في مراحل لاحقة، وإن كان ذلك بعد حقب من الزمن، كما حصل مع قوم نوح، فقد ذكر ابن عباس أن ودًّا وسواعًا ويغوث ويعوق ونسرًا أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن أنصبوا إلى مجالسهم التي يجلسون إليها أنصابا، وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت. رواه البخاري.

وبالتالي؛ فعلة التحريم باقية، وهي سد الذريعة إلى تعظيم أصحاب الصور المعلقة مما يؤدي إلى عبادتهم لاحقًا.

وقد قال صاحب المراقي:

سد الذرائع إلى المحرمِ حتم كفتحها إلى المنحتمِ.

ولا يبرر الاحتجاجُ بعدم نسيان الجدة أو غيرها تعليقَ صورها، ويمكن أن تذكرها وتدعو لها دون الحاجة إلى تعليق صورها.

هذا؛ وننبه إلى أن كثيرًا من أهل العلم ذهبوا إلى أن الصورة إذا قطع منها ما لا تبقى معه الحياة، لم تكن صورة محرمة، سواء قطع الرأس، أو قطع النصف الأسفل مثلًا.

وذهب آخرون إلى أنه ما دام الرأس باقيًا فلا يختلف حكمها عن الصورة الكاملة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: الصورة الرأس. رواه الإسماعيلي في معجمه، وصححه الألباني. وقد رجحنا هذا القول في الفتوى رقم: 100299.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني