الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في توصيل الزبائن لأماكن الشرب والحفلات

السؤال

نحن نعيش في أمريكا، وزوجي رجل مطلق، وله ابنتان من زواجه السابق ويتم اقتطاع مبلغ كبير بحكم من المحكمة شهريا من راتبه كنفقه لهما بحكم أنهما تعيشان مع والدتهما، وبحكم القانون الأمريكي يحق لطليقته مطالبته بزيادة النفقة إذا علمت بأنه يعمل بمهنة أخرى يتقاضى منها راتبا شهريا، مع العلم بأن الوضع المعيشي والمادي جيد جدا للفتيات والنفقة الشهرية كافية جدا، وهو أيضا يشارك بمصاريف التأمين الصحي والأقساط المدرسية لهما بجانب النفقة، يتم أيضاً اقتطاع جزء كبير للضرائب كونه يعمل بوظيفة حكومية، نظرا لهذه الظروف لجأ زوجي للعمل كسائق تاكسي بجانب عمله حتى يتحسن وضعنا المادي، وهو يعمل بشكل مكثف ليلاً في نهاية الأسبوع بسبب انشغاله بالوظيفة باقي أيام الأسبوع نهاراً، مع العلم أنه يَكثر السهر والشرب والتبرج في هذه الأيام ويركب معه أناس سكارى أو من المطاعم التي تقدم الخمور، و غير ذلك من النساء المتبرجات، وقد يضطر أحيانا لمشاركتهن الحديث، ويحدث أيضا أحداث سنوية كالحفلات الموسيقية وغيرها فتزيد الطلبات على سيارات الأجرة ويكثف زوجي العمل في هذه الأحداث أيضاً، مع العلم أنه لا يملك خيار رفض الرحلة، فما حكم هذا العمل؟ وما حكم الأمور المدرجة تحته؟ مع العلم أنه المصدر الوحيد حاليا لكسب المال من دون ملاحقة زوجته السابقة لنا، وهل يعتبر استثناء للضرورة؟
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعمل زوجك مباح من حيث الأصل، وحيث لم يوجد تلازم بين عمله المذكور وبين وقوعه فيما ذكرت في السؤال، فالأصل جواز بقائه في عمله، أما إن كان هناك تلازم بين ذلك العمل وبين ما ذكرت مع عدم قدرته على رفض ذلك، فحينئذ لا تجوز له ممارسة ذلك العمل؛ لما فيه من الإعانة على الإثم والعدوان وإقرار المنكر، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}. وانظري الفتوى رقم: 58253.
وعليه؛ فإذا كان زوجك لا يستطيع رفض الرحلات المحرمة، فعليه أن يعتزل العمل المذكور، ولا يجوز له الاستمرار فيه إلا لضرورة، وهي ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 160765، 162111، 237145.
فإن بلغ حال زوجك حد الضرورة فحينئذ يجوز له البقاء في العمل المذكور بقدر تلك الضرورة إلى أن ييسر الله أمره، مع وجوب البحث والتفكير الجاد للخروج من هذا الوضع المحرم، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، وقد قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني