الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المال المأخوذ من شخص وجد مع امرأة في خلوة مقابل الستر عليه

السؤال

وجدنا ـ أنا وثلاثة من أصدقائي ـ شخصا في خلوة غير شرعية مع فتاة، وقمنا بالتستر عليه مقابل مبلغ من المال، فهل المال حلال علينا؟ وإذا كان المال لا يحل لنا، فماذا علي أن أفعل به؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد كان عليكم في ذلك الموقف أن تنكروا عليهما، وتذكروهما بالله عز وجل، وترهبوهما من غضبه، وانظر الفتويين رقم: 295489، ورقم: 115329.

ثم إن تصالحكم مع ذلك الشخص على أخذ المال منه مقابل التستر عليه لا يجوز، وهو من أكل أموال الناس بالباطل، لأن من شروط صحة الصلح أن يكون الشيء المصالح عنه حقا من حقوق المصالح، وليس فيما ذكرتم في السؤال حق لكم؛ سواء في ذلك فضيحته والتشهير به فيما فعله مع الفتاة، أو رفع أمره للقضاء والشهادة عليه، جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام في شروط المصالح عنه: أن يكون المصالح عنه حق المصالح، فلذلك إذا كان المصالح عنه حقا من حقوق العباد يكون الصلح صحيحا, سواء أكان ذلك الحق معلوما أم مجهولا, وسواء أكان عينا أم دينا, أو منفعة, أو قصاصا وتعزيرا, والقصاص سواء كان بالنفس, أو كان بما دون النفس ـ الدرر ومجمع الأنهر ـ انظر المادة: الـ 1505 ـ أما إذا كان المصالح عنه حقا من حقوق الله ـ أي: من الحقوق العامة التي يعود نفعها للعموم ـ فالصلح عنها باطل كالزنا وهدم الحائط المائل للانهدام على الطريق العام بعد التقدم، لأن المصالح بصلحه إما أن يستوفي جميع حقه, أو أن يستوفي بعضه ويسقط بعضه, وإما أن يستعيض عنه، وبما أنه ليس له أن يتصرف هذه التصرفات في حق الغير، فلذلك ليس له هذا التصرف، والمقصد من حقوق الله هو الحق الذي يعود نفعه وفائدته إلى عموم العالم بصورة ولم يكن مخصوصا بشخص... كذلك إذا تصالح أحد مع الشاهد على أن لا يشهد عليه كان الصلح المعقود بينهما باطلا وله استرداد بدل الصلح من الشاهد، وكذلك إذا ألقى القبض على سارق وتصالح مع السارق على أن لا يرفع أمره إلى ولي الأمر كان الصلح غير صحيح ـ الدرر ومعيار العدالة. اهـ
وعلى ذلك، فالواجب إرجاع المال لمن أخذ منه إن أمكن، فإن عجزتم عن رده إليه ويئستم من حصول ذلك، فلتتصدقوا به عنه بصرفه في وجوه البر والمصالح العامة، شأنه شأن سائر الأموال المأخوذة من الغير بغير حق، وانظر الفتوى رقم: 58530، وإحالاتها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني