الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أحدث أثناء الوضوء الذي يسبق الغسل

السؤال

جزاكم الله خيرًا على ما تقدمونه من جهود في هذا الموقع المميز.
أسأل عن غسل الجنابة الكامل، والمجزئ:
1- من أحدث بخروج الريح أثناء الوضوء، في منتصف الوضوء للغسل الكامل، وليس المجزئ، فماذا يفعل هل يعيد الوضوء، أو يعيد كامل ترتيب الغسل من نية، وتسمية، وغسل لليدين، وغسل الفرج، أم يكمل الغسل، وإذا انتهى من تعميم البدن توضأ مرة أخرى بعد إتمام الغسل؟
2- بعد النية، والتسمية، وغسل اليدين، وغسل الفرج الذكر، والدبر أتوضأ، فهل يلزم غسل الذكر، والدبر مرة أخرى أثناء تعميم البدن بالماء، أم أكتفي بغسلي لها في بداية الغسل، أي قبل أن أتوضأ؟
ونفس الكلام هل ينطبق على الغسل المجزئ، أي متى يغسل الذكر، والدبر: هل قبل أن يعمم بدنه، أو أثناء تعميم البدن؟
ذكرتم في فتوى أخرى أن الغسل المجزئ هو أن يغسل ما أصابه من نجاسة، وبعدها ينوي، ويسمي، ويعمم كامل بدنه، والنية هنا تمت بعد غسل الفرج، فهل تجزئ عن غسل الفرج أثناء تعميم البدن؟
3- هل تلزم المضمضة، والاستنشاق أثناء تعميم البدن، وذلك بالغسل الكامل، أم يكتفي بوضوئه في البداية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 180213 بيان صفة الغسل الكامل, والغسل المجزئ, فراجعها إن شئت.

والوضوء مستحب في بداية الغسل الكامل, لكن من تركه, فغسله صحيح, ومن أحدث أثناء هذا الوضوء, فله أن يبدأ وضوءه من جديد, وتكفيه نية الغسل الأولى، على القول المعتمد عند بعض أهل العلم.

وإن لم يبتدئ هذا الوضوء, فغسله مجزئ, لكن لا بد من الوضوء إذا أراد الصلاة.

جاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير للدردير المالكي: والغسل يجزئ عن الوضوء؛ فلو اغتسل، ولم يبدأ بالوضوء ولا ختم به، لأجزأه غسله عن الوضوء لاشتماله عليه. هذا إن لم يحدث بعد غسل شيء من أعضاء الوضوء بأن لم يحدث أصلًا، أو أحدث قبل غسل شيء من أعضاء الوضوء.

وأما إن أحدث بعد غسل شيء منه، فإن أحدث بعد تمام وضوئه، وغسله، فهو كمحدث يلزمه أن يجدد وضوءه بنية اتفاقًا.

وإن أحدث في أثناء غسله -فهذا إن لم يرجع فيغسل ما غسل من أعضاء وضوئه قبل حدثه- فإنه لا تجزئه صلاته.

وهل يفتقر هذا في غسل ما تقدم من أعضاء وضوئه لنية، أو تجزئه نية الغسل عن ذلك؟ فيه قولان للمتأخرين:

فقال ابن أبي زيد: يفتقر إلى نية، وقال القابسي: لا يفتقر إلى نية. انتهى.

وهذا القول الثاني هو المعتمد، كما قال الدسوقي في حاشيته.

ومن مندوبات الغسل البدء بإزالة الأذى, وغسل الفرج, فإذا غسله الشخص بنية غسل الجنابة, كفاه ذلك عن غسله مرة أخرى أثناء تعميم الماء على البدن, أما من غسل فرجه أولًا بغير نية غسل الجنابة, فلا بد أن يعيد غسله مرة أخرى بنية رفع الجنابة.

جاء في شرح الخرشي على مختصر خليل المالكي: هذا شروع في مندوبات الغسل، وهي كثيرة على ما ذكره غيره، منها البداءة قبل هذه السنن بغسل يديه قبل إدخالهما الإناء، ثم بإزالة الأذى عن محل هو فيه؛ ليقع الغسل على أعضاء طاهرة, ثم يغسل ذلك المحل فرجًا، أو غيره بنية غسل الجنابة؛ ليأمن من نقض الوضوء بمس ذكره بعد ذلك، وإن لم ينو رفع الجنابة عند غسل فرجه، فلا بد من غسله ثانيًا ليعم جسده، وكثير من الناس لا يتفطن لذلك، فينوي بعد غسل فرجه، ثم لا يمسه حفظًا للوضوء، فيؤدي لبطلان الغسل لعرو غسل الفرج عن نية. انتهى.

وتكفي المضمضة, والاستنشاق في الوضوء بداية الغسل, ولا داعي لإعادتهما أثناء تعميم البدن؛ لأن غسل أعضاء الوضوء مجزئ عن غسل محلها في غسل الجنابة.

جاء في شرح الزُّرقاني على مختصر خليل: (و) يجزي (غسل الوضوء) بنيته (عن غسل محله) إن كان متذكرًا لجنابته، بل (ولو ناسيًا لجنابته) عند نية الوضوء. انتهى.

وقد ذكرنا حكم المضمضة, والاستنشاق في الوضوء، والغسل, وذلك الفتوى رقم: 17079.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني