الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل قص الحاجب وحلقه ملحقان بالنتف؟ ولماذا خص النتف بالحاجبين؟

السؤال

ألا يوجد تعارض بين الفتوى رقم: 106616، والتي ذكرت أن الإمام أحمد بن حنبل كان يقص من حاجبيه، وبين الفتاوى التي قطعت بتحريم الأخذ من الحواجب، مثل الفتوى رقم: 14901؟ وإذا كانت الحكمة من النمص هي الحسن، وتغيير خلق الله، كما ورد في الفتوى رقم: 20855، فلِمَ يُختص بذلك شعر الحاجبين مع جواز إزالة باقي شعر الوجه، بالرغم من تحقق العِلَّتين في هذه الحالة أيضًا من طلب الحسن، وتغيير خلق الله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرنا في فتاوى سابقة أن قص شعر الحواجب لغير ضرورة، أو إزالة عيب، أو تشويه يعتبر مثل النمص المحرم شرعًا، وراجعي الفتوى رقم: 154667، وما أحيل عليها من فتاوى فيها.

وأما ما ذكرت عن الإمام أحمد -رحمه الله-: فهو موافق للمشهور عن الحنابلة من تحريم النتف، وجواز القص، والحلق، فقد جاء في المغني لابن قدامة: فأما النامصة: فهي التي تنتف الشعر من الوجه، والمتنمصة المنتوف شعرها بأمرها، فلا يجوز للخبر، وإن حلق الشعر فلا بأس؛ لأن الخبر إنما ورد في النتف، نص على هذا أحمد. انتهى.

وجاء في الموسوعة الفقهية: اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ نَتْفَ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ دَاخِلٌ فِي نَمْصِ الْوَجْهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَعَنَ اللَّهُ النَّامِصَاتِ, وَالْمُتَنَمِّصَاتِ ـ وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَفِّ، وَالْحَلْقِ: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّ الْحَفَّ فِي مَعْنَى النَّتْفِ، وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إلَى جَوَازِ الْحَفِّ، وَالْحَلْقِ, وَأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ النَّتْفُ فَقَطْ. انتهى.

وقد رجحت اللجنة الدائمة تحريم القص، والحلق، فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة السؤال التالي: شابة في بداية عمرها لها حواجب كثيفة جدًّا تكاد تكون سيئة المنظر، فاضطرت هذه الفتاة إلى حلق بعض الأماكن التي تفصل بين الحاجبين، وتخفيف الباقي حتى يكون المنظر معقولًا لزوجها...

فأجابت اللجنة: لا يجوز حلق الحواجب، ولا تخفيفها؛ لأن ذلك هو النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعلته، أو طلبت فعله، فالواجب عليك التوبة، والاستغفار مما مضى، وأن تحذري ذلك في المستقبل. اهـ.

وأما عن اختصاص النهي بالحاجبين: فهو مذهب كثير من أهل العلم، ومنهم من جعل النمص شاملًا لكل شعر الوجه.

وبالقول الأول ـ وهو اختصاص النمص بالحاجبين ـ أفتى علماء اللجنة الدائمة، فقد أفتوا بجواز إزالة شعر الوجه، ما عدا اللحية للرجل، والحاجبين، فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا حرج على المرأة في إزالة شعر الشارب، والفخذين، والساقين، والذراعين، وليس هذا من التنمص المنهي عنه.

وسئلت اللجنة: ما حكم الإسلام في نتف الشعر الذي بين الحاجبين؟

فأجابت: يجوز نتفه، لأنه ليس من الحاجبين. اهـ.

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: النمص: الأخذ من شعر الحاجبين، وهو لا يجوز، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة، ويجوز للمرأة أن تزيل ما قد ينبت لها من لحية أو شارب أو شعر في ساقيها أو يديها.

أما اختصاص النمص بشعر الحاجبين دون بقية الوجه، مع تحقق العلتين المذكورتين في الحديث، فلكون النمص لغة مختصًّا بالحاجبين، فروعي ذلك، وراجع المزيد في بيان ترجيح هذا القول في الفتوى رقم: 147061.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني