الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تزول العصمة الزوجية إلا بفسخ أو طلاق

السؤال

تمت خطبة زينب لابن عمتها وهي طفلة، وحين كبرت رفضت الزواج به، ولكن الأبوين رفضا، وفي يوم العقد وافقت، ولكنها رفضت العيش معه، بل فضّلت البقاء في منزل أبويها، وأرجعت المهر إلى حساب الزوج في البنك. طُلِب من الزوج أن يطلقها، ولكنه رفض.
وبعد مرور حوالي خمس سنين قال لها الزوج: إن هي دفعت له 30 ألف دولار بشرط أن تكسبها من شغلها بأيديها فهي حرة، طليقة (زاعمًا بأنها غير قادرة على كسب المبلغ في الأساس). ولكن هي قبلت الأمر (الشرط)، وفعلًا جمعت المبلغ المطلوب.
وفي يوم تسليم المبلغ بدلًا من أن يستلم المبلغ حاول أن يصب الحمض (acid) على زينب ليشوه وجهها أو يقتلها، لمحت هذا إحدى القريبات في المجلس، وحاولت منعه من هذا الفعل، وأثناء هذا هي التي أُصيبت وتُوفيت إثر الإصابات.
وخلال نفس الأيام حصل للزوج حادث؛ إذ اصطدم بالسيارة، وأصيب بإصابات خطيرة، ومنذ أكثر من عام وهو تحت العناية الطبية، غير قادر على الحركة، وعاجز عن الكلام، على التنفس الصناعي.
الحادث (صب الحمض) حدث أمام قاضي القرية الغير رسمي، والمبلغ كان عنده لـيستلم الزوج، وبعد الحادث حاول القاضي أن يستلم أبواه المبلغ، ولكنهم رفضوا استلامه منه، وقالوا للقاضي بأن يوزع المبلغ بين الفقراء.
ومن جهة أخرى: بما أنه قاض (مسلم) غير رسمي في دار الكفر، حصل أبو الزوج امتناعًا من المحكمة الرسمية على عدم الحكم من قبل هذا القاضي في القضية، وبالتالي؛ لم تحصل هي على فسخ العقد.
فما الحكم الشرعي في هذه القضية؟ وهل هي لا تزال زوجته؟ وهل عليها أن تنتظر إلى حين وفاة زوجها أم تتابع القضية في المحاكم الرسمية التي قد تطول إلى عشرات سنوات؟ وللعلم أن القاضي القانوني الرسمي هو ليس بمسلم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأصل بقاء العصمة الزوجية حتى يحصل ما يقتضي زوالها من فسخ أو طلاق.

وما حصل هنا من هذا الرجل هو أنه علق طلاق زوجته على شرط دفعها مبلغًا معينًا، فيقع الطلاق بتحقق الشرط، وهو دفعها المبلغ المذكور، ويبقى ههنا سؤال وهو: هل تمكينه من هذا المبلغ يقوم مقام القبض فيكون قد تحقق الشرط فيقع الطلاق أو لا يقوم مقام القبض فلا يقع الطلاق؟ لم نعثر -بعد البحث- على كلام للفقهاء بهذا الخصوص، ولكن قد ذكر الفقهاء في بعض المواضع أن التمكين يقوم مقام الاستيفاء؛ ففي منح الجليل عن الكلام عن رجوع الرجل بما أنفق على المرأة حال كون التعذر من قبله: وإن كان التعذر من قبله، فلا رجوع له عليها؛ لأن التمكين كالاستيفاء. اهـ.

وفي باب النفقات ذكر الفقهاء أن نفقة الزوجة تجب بتمكينها زوجها من نفسها، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 206911، وكذا الحال في باب البيوع والإجارة؛ يقوم التمكين مقام القبض، ويمكنك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 72824، والفتوى رقم: 308890. وبما أن هذه من قضايا المنازعات فالأولى الرجوع للقضاء الشرعي أو ما يقوم مقامه.

ولا يتعين أن يحكم في القضية القاضي المذكور، وإن كان ممن يحكم بالقوانين الوضعية فيحرم التحاكم إليه لغير ضرورة، ولا ينفذ الطلاق الذي يصدر من قبل هذه المحاكم، ويرجى مراجعة الفتويين: 182851 ، 31739.

وليبحث عن غيره ممن له حق النظر في قضايا المسلمين هنالك؛ كالمراكز الإسلامية، فإن لم توجد فلأي عالم شرعي موجود هنالك ليزال الضرر عن هذه المرأة.

وفي نهاية المطاف: إن كانت ثمة ضرورة لرفع الأمر للمحكمة الوضعية فلا حرج في ذلك، هذا مع التنبه إلى أن أي طلاق توقعه تلك المحاكم الوضعية فإنه طلاق غير شرعي ما لم يصدر من الزوج.

وننبه إلى أن هذه القضية تبين خطورة إرغام المرأة على الزواج ممن لا ترغب فيه، وتراجع الفتوى رقم: 3006.

وما أقدم عليه هذا الرجل من محاولة إحراق زوجته، وما حصل منه من إحراق قريبتها لهو منكر عظيم، وقتل للنفس التي حرم الله إلا بالحق، وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 11470.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني