الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز وصف عالم بالفسق لمجرد رأي فقهي خلافي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،هل يجوز القول عن عالم ما يصدر فتوى بتحليل ما أحرم الله مثل كشف الوجه وتحليل الغناء بأنه فاسق أم يعتبر هذا من اجتهاده وماذا يجب علينا تجاه فتواه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن تحريم ما أحل الله تعالى أو تحليل ما حرم أمر منكر، ومن كبائر الذنوب التي حذرنا الله تعالى منها، حيث يقول جل وعلا: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ {النحل:116}، فمن حرم حلالاً أو أحل حراماً مقطوعاً بتحريمه أو بتحليله فقد ارتكب إثماً عظيماً وشرع للناس ما لم يأذن به الله، واستحق أن يوصف بالفسق والظلم والكفر..
ولهذا كان السلف الصالح -رضوان الله عليهم- يتوقفون طويلاً عندما يصل الأمر إلى التحريم والتحليل، وكانوا يتحرجون ويحذرون من كلمة حرام أو حلال، إلا ما ورد فيه نص قطعي الثبوت قطعي الدلالة، وكثيراً ما نجدهم في تعبيرهم عن الأمور الاجتهادية يقول أحدهم: لا ينبغي أو لا أحب أو أكره..
ومن هذا الباب المسائل الفرعية التي تحتمل الإباحة والحرمة والكراهة.
ولهذا فلا يجوز وصف عالم بالفسق لمجرد رأي فقهي في مسألة فرعية يرى أن الصواب فيها كذا بناء على معطيات شرعية معتبرة، وخاصة إذا كانت هذه المسألة من المسائل الخلافية التي كثرت فيها الأقوال وتباينت حولها الآراء قديما وحديثاً مثل: كشف الوجه واليدين..
فقد نُقل الاختلاف عن السلف الصالح من الصحابة والتابعية والأئمة الكبار في مثل هذه المسائل، ولم يتهم أحد منهم الآخر، ولم يفسقه، لأن هذا النوع من الاختلاف هو من الاختلاف السائغ الذي له حظ من النظر.
وقد حذر العلماء من الوقوع في أعراض الناس عموماً وفي أعراض العلماء خصوصاً، وذلك لما جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من التنفير من الوقوع في أعراض الناس، قال النووي في المجموع شرح المهذب: «وقال الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر رحمه الله: اعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن ‌لحوم ‌العلماء ‌مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب، بلاه الله قبل موته بموت القلب (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم» انتهى.

والذي ينبغي أن تكون عليه في مثل هذه المسائل أن تتحرى الراجح فتأخذ به، وأن تدع المرجوح، ولا تذم القائل به، ولا تتهمه أو تقع في عرضه، وكِلْ نيته إلى الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى.
وبإمكانك -أخي الكريم- أن تطلع على التحقيق في المسائل التي أشرت إليها مدعوماً بالأدلة وأقوال العلماء وترجيح الصواب إن شاء الله تعالى على موقعنا هذا.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني