الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم رسم الوجه بلثام أو بدون لثام

السؤال

جزاكم الله خيرا على مجهوداتكم في الرد على أسئلة الحائرين وتوجيههم ونصحهم, نفع الله بكم الأمة: كنت أرسم رسم الكارتون الذي يدخل في رسم ذوات الأرواح, ومؤخرا علمت واقتنعت بأن هذا لا يجوز ـ والحمد لله ـ تركت الرسم رغم حبي الشديد له, ومزقت صوري القديمة ورسوماتي, وطلبت ممن أعرف أن يتلفها أيضا, وبعضهم لا أستطيع الوصول إليه، فتركت ذلك لله إن شاء أن يصفح عني فيه, وبعد ذلك وجدت فتاوى في موقعكم الكريم وغيره تبيح رسم الجزء من الجسم أو الوجه, أو الوجه بدون ملامح, فأخذت بها، ثم بعد أن انطلقت الانتفاضة هذه الأيام في فلسطين ضد الاحتلال الصهيوني, رأيت دعوات تدعو لنصرة إخواننا بالدعاء والتبرع, وجميع وسائل المقاومة من كتابة أو رسم أو شعر أو تصميم، فقمت برسم وجه شبه كامل تظهر فيه عين واحدة وأنف وفم مبتسم، ورسمت بعض الدماء عليه وكتبت بعض الكلمات التي تعبر عن الشهداء الذين سقطوا, ونشرتها على صفحتي بين صديقاتي، لكنني بعد ذلك بأيام عدت وتأكدت من الفتاوى، فوجدت أن رسم الوجه يجوز دون إبداء ملامحه, فاحترت في أمري، فهل أنا آثمة؟ علما بأنني حين رسمتها تحاشيت ما أمكن إظهار جسده أو رقبته أو حتى جمجمته وحسبت أنني فعلت الصواب, فهل علي من شيء؟ وهل يجوز لي رسم وجه الملثمين من المقاومين والمجاهدين, مع أنني لا أظهر من ملامح الوجه إلا العينين, فهل يصح هذا؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فشكر الله لك حرصك وتحريك في التزام حدود الله تعالى، وأما جواب سؤالك: فاعلمي أن الصورة التي قمت برسمها محل خلاف بين أهل العلم، ولا نرى حرجا عليك فيها، وإن كان الأسلم هو البعد عن رسم رأس الإنسان كاملا، كأن يترك رسم العينين والأنف مثلا، وعلى أية حال فمثل هذه الصورة المذكورة في السؤال قد نص كثير من أهل العلم على عدم حرمتها، جاء في الموسوعة الفقهية: المالكية لا يرون تحريم تصوير الإنسان أو الحيوان ـ سواء أكانت الصورة تمثالا مجسما أو صورة مسطحة ـ إن كانت ناقصة عضو من الأعضاء الظاهرة مما لا يعيش الحيوان بدونه، كما لو كان مقطوع الرأس، أو كان مخروق البطن أو الصدر، وكذلك يقول الحنابلة، كما جاء في المغني: إذا كان في ابتداء التصوير صورة بدن بلا رأس أو رأس بلا بدن، أو جعل له رأس وسائر بدنه صورة غير حيوان، لم يدخل في النهي، وفي الفروع: إن أزيل من الصور ما لا تبقى الحياة معه لم يكره، في المنصوص، ومثله صورة شجرة ونحوه وتمثال، وكذا تصويره، وهذا مذهب الشافعية أيضا، ولم ينقل بينهم في ذلك خلاف إلا ما شذ به المتولي، غير أنهم اختلفوا فيما إذا كان المقطوع غير الرأس وقد بقي الرأس، والراجح عندهم في هذه الحالة التحريم... وظاهر ما في تحفة المحتاج جوازه، فإنه قال: وكفقد الرأس فقد ما لا حياة بدونه. اهـ.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 152675.

وبهذا يتبين جواب السؤال الثاني أيضا، فرسم الوجه على هذا المذهب لا يحرم، فإن كان مُلثَّما كان أولى بالإباحة، لعدم وضوح ملامح الوجه وبعده عن المضاهاة، قال الشيخ ابن عثيمين: إذا لم تكن الصورة واضحة، أي ليس فيها عين أو أنف ولا فم ولا أصابع، فهذه ليست صورة كاملة ولا مضاهية لخلق الله عز وجل. هـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني