الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ذكر اختلاف العلماء في تحريم ما لا ظل له من الصور

السؤال

ذكرتم في فتاوى التصوير أنَّ ما له ظل محرم ٳجماعا. وأما ما هو مرسوم، فهو محرم عند الجمهور.
هلا قلتم من الذي خالف الجمهور، مع الأدلة؟ وهل هذا من الخلاف المعتبر؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فممن خالف الجمهور، فلم يحرم ما لا ظل له من الصور: المالكية، وابن حمدان من الحنابلة، فقالوا بالكراهة.

جاء في شرح الخرشي: مَا لَا ظِلَّ لَهُ، إنْ كَانَ غَيْرَ مُمْتَهَنٍ، فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ كَانَ مُمْتَهَنًا، فَتَرْكُهُ أَوْلَى. انْتَهَى.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: مذهب المالكية، وبعض السلف، ووافقهم ابن حمدان من الحنابلة، أنه لا يحرم من التصاوير إلا ما جمع الشروط الآتية:

الشرط الأول: أن تكون صورة الإنسان، أو الحيوان مما له ظل، أي تكون تمثالا مجسدا، فإن كانت مسطحة، لم يحرم عملها، وذلك كالمنقوش في جدار، أو ورق، أو قماش. بل يكون مكروها. ومن هنا نقل ابن العربي الإجماع على أن تصوير ما له ظل، حرام.....وقال ابن حمدان من الحنابلة: المراد بالصورة، أي: المحرمة، ما كان لها جسم مصنوع، له طول، وعرض، وعمق. انتهى.

وهذا المذهب المجيز لما ليس له ظل، وصفه الإمام النووي، بالباطل، فقال: وقال بعض السلف: إنما ينهى عما كان له ظل، ولا بأس بالصور التي ليس لها ظل، وهذا مذهب باطل، فإن الستر الذي أنكر النبي صلى الله عليه وسلم الصورة فيه، لا يشك أحد أنه مذموم، وليس لصورته ظل، مع باقي الأحاديث المطلقة في كل صورة. اهـ.

ولم يرتض الحافظ ابن حجر هذا التوصيف من قبل النووي, فقال في الفتح، تعقيبا على كلام النووي: قلت: المذهب المذكور، نقله ابن أبي شيبة، عن القاسم بن محمد، بسند صحيح، ولفظه: عن ابن عون، قال: دخلت على القاسم، وهو بأعلى مكة، في بيته، فرأيت في بيته حجلة، فيها تصاوير القندس، والعنقاء. ففي إطلاق كونه مذهبا باطلا، نظر؛ إذ يحتمل أنه تمسك في ذلك بعموم قوله: إلا رقما في ثوب؛ فإنه أعم من أن يكون معلقا، أو مفروشا، وكأنه جعل إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة تعليق الستر المذكور، مركبا من كونه مصورا، ومن كونه ساترا للجدار. ويؤيده ما ورد في بعض طرقه عند مسلم، فأخرج من طريق سعيد بن يسار، عن زيد بن خالد الجهني، قال: دخلت على عائشة، فذكر نحو حديث الباب، لكن قال: فجذبه حتى هتكه، وقال: إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين، قال: فقطعنا منه وسادتين. الحديث. فهذا يدل على أنه كره ستر الجدار بالثوب المصور، فلا يساويه الثوب الممتهن ولو كانت فيه صورة، وكذلك الثوب الذي لا يستر به الجدار. والقاسم بن محمد: أحد فقهاء المدينة، وكان من أفضل أهل زمانه، وهو الذي روى حديث النمرقة، فلولا أنه فهم الرخصة في مثل الحجلة، ما استجاز استعمالها. لكن الجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك، يدل على أنه مذهب مرجوح، وأن الذي رخص فيه من ذلك ما يمتهن، لا ما كان منصوبا ... انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني