الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقليد المذاهب الأربعة.. رؤية فقهية إفتائية قضائية

السؤال

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أفضل خلق الله
ما حكم الاقتصار على الفتوى من المذاهب الأربعة فقط وأرجو ذكر أقوال الأئمة القدامى ومن الموجه له كلام الأئمة: لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكاً.... هل هو موجه إلى علماء هذا العصر أم هو موجه للمجتهدين في العصور السابقة؟
أفيدونا رحمكم الله من خلال أقوال الأئمة وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالراجح من أقوال أهل العلم أن من كان أهلاً للفتوى فإنه يعول عليه، ويعتد بكلامه، ما دام مستكملاً للآلة، حائزاً للشروط. قال ابن حجر في تحفة المحتاج -وهو شافعي-: وحاصل المعتمد من ذلك أنه يجوز تقليد كلٍّ من الأئمة الأربعة، وكذا من عداهم ممن حُفِظَ مذهبه في تلك المسألة ودُوِّنَ حتى عرفت شروطه وسائر معتبراته. انتهى. وقال في البحر الرائق -وهو حنفي-: فصل: يجوز تقليد من شاء من المجتهدين وإن دونت المذاهب كاليوم، وله الانتقال من مذهبه لكن لا يتبع الرخص. انتهى. وقال في الفواكه الدواني -وهو مالكي-: قال بعض المحققين: المعتمد أنه يجوز تقليد الأربعة، وكذا من عداهم ممن يحفظ مذهبه في تلك المسائل ودُوِّن حتى عُرفت شروطه وسائر معتبراته. انتهى. وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يجوز الخروج عن المذاهب الأربعة لا عملاً ولا فتوى ولا قضاء، ومن هؤلاء ابن الصلاح وابن رجب الحنبلي وغيرهم، ولابن رجب هذا رسالة لطيفة سماها (الرد على من اتبع غير المذاهب الأربع) وقد قال فيها مبيناً علة المنع من اتباع غيرها: قد نبهنا على علة المنع من ذلك، وهو أن مذاهب غير هؤلاء لم تشتهر ولم تنضبط، فربما نُسِبَ إليهم ما لم يقولوه أو فُهم عنهم ما لم يريدوه، وليس لمذاهبهم من يذب عنها وينبه على ما يقع من الخلل فيها، بخلاف هذه المذاهب المشهورة. انتهى. وقال الحطاب في مواهب الجليل: قال القرافي: ورأيت للشيخ تقي الدين ابن الصلاح ما معناه أن التقليد يتعين لهؤلاء الأئمة الأربعة دون غيرهم، لأن مذاهبهم انتشرت وانبسطت، حتى ظهر فيها تقييد مطلقها وتخصيص عامها وشروط فروعها، فإذا أطلقوا حكماً في موضع، وجد مكملاً في موضع آخر، وأما غيرهم فتنقل عنه الفتاوى مجردة، فلعل لها مكملاً أو مقيداً أو مخصصاً لو انضبط كلام قائله لظهر، فيصير في تقليده على غير ثقة بخلاف هؤلاء الأربعة، قال -يعني القرافي -: وهذا توجيه حسن فيه ما ليس في كلام إمام الحرمين. انتهى. وبالغ بعض العلماء حتى نقل الإجماع على وجوب اتباع المذاهب الأربعة دون غيرها، قال في الفواكه الدواني: وقد انعقد إجماع المسلمين اليوم على وجوب متابعة واحد من الأئمة الأربعة ( أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل ) رضي الله عنهم، وعدم الخروج عن مذاهبهم، وإنما حرم تقليد غير هؤلاء الأربعة من المجتهدين -مع أن الجميع على هدى- لعدم حفظ مذاهبهم لموت أصحابهم وعدم تدوينها. انتهى. وقال في مراقي السعود: والمجمع اليوم عليه الأربعة ===== وقَفْوُ غيرها الجميعُ منعه وهذا الإجماع غير مسلم، وقد رده غير واحد من أهل العلم. ولمزيد من التفصيلات والقيود الأخرى انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18248، 17519، 6787، 2397. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني