الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبب امتناع عمر هو إشفاقه على رسول الله صلى الله عليه وسلم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهّذي ورفض أن يعطيه أوراقاً وقلماً لكي يوصي بالخلافة للإمام علي رضي الله عنه وما هو التفسير الصحيح لهذه الحادثة التي حصلت قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن مجمل القصة المسؤول عنها هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتد عليه المرض قبل وفاته بثلاثة أيام أمر طائفة من الصحابة كانوا عنده فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يأتوه بكتاب ينص فيه على الأحكام ليرتفع الخلاف، وقيل هو لتعيين خليفة بعده ويشهد للأخير ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتاباً فإني أخاف أن يتمنى متمنِّ، ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر. فلما اختلف الحاضرون حول تلبية الطلب وعدمه وكثر لغطهم أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج، كما في البخاري عن ابن عباس قال: لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، قال عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط، قال: قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع. ويظهر منها أنهم كانوا طائفتين، طائفة أرادت تلبية الطلب وطائفة امتنعت، وكان من الذين امتنعوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وسبب امتناعه هو ومن معه من الصحابة من إيتاء النبي صلى الله عليه وسلم بما طلب أنهم اشفقوا على النبي صلى الله عليه وسلم، لأنهم فهموا أن الأمر لا يعدو كونه إرشاداً أو نصحاً، وليس أمر وجوب. قال ابن حجر في الفتح: كان عمر رضي الله عنه فهم من ذلك أنه يقتضي التطويل، قال القرطبي وغيره ائتوني أمر وكان حق المأمور أن يبادر للامتثال، لكن ظهر لعمر رضي الله عنه مع طائفة أنه ليس على الوجوب، وأنه من باب الإرشاد إلى الأصلح، فكرهوا أن يكلفوه من ذلك ما يشق عليه في تلك الحالة مع استحضارهم قوله تعالى: مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام:38]. وقوله تعالى: تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل: 89]. ولهذا قال عمر حسبنا كتاب الله. فبان من هذا أنه لا صحة لقول من يدعي أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يوصي بالخلافة من بعده لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذلك لأنه لم يرد ذكر لعلي في هذه القصة إطلاقاً، وإنما كان ذلك لأبي بكر رضي الله عنه عند أول مرض النبي صلى الله عليه وسلم صلى كما جاء ذلك في حديث عائشة المتقدم. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني