الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز الفرح باستشهاد أحدهم على اليد الكفار؟

السؤال

هل يجوز الفرح باستشهاد أحدهم على اليد الكافرين؛ بحكم أنه من الخير له حتى لا يفتن في الدنيا؟ أم إن هذا من نواقض الإسلام؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فحكم الفرح تابع لسببه، والحامل عليه، فمن فرح بسبب حصول ما يحبه الله، ويوافق مراده الشرعي، وما ينفع عبدًا من عباده، كان فرحه محمودًا، ولا ريب في أن نيل الشهادة في سبيل الله مما يحبه الله، ويوافق مراده، وينفع به بعض عباده، قال تعالى: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {آل عمران: 140}.

قال السعدي: سلاهم بما حصل لهم من الهزيمة، وبيَّن الحكم العظيمة المترتبة على ذلك... ويتخذ منكم شهداء ـ وهذا من بعض الحكم؛ لأن الشهادة عند الله من أرفع المنازل، ولا سبيل لنيلها إلا بما يحصل من وجود أسبابها، فهذا من رحمته بعباده المؤمنين، أن قيَّض لهم من الأسباب ما تكرهه النفوس؛ لينيلهم ما يحبون من المنازل العالية، والنعيم المقيم. اهـ.

فإذا فرح المسلم لأخيه المسلم المقتول لنيله درجة الشهداء، فهذا فرح محمود، بخلاف من فرح لظهور الكافر عليه، وقتله إياه، ونحو ذلك مما يُعصى الله به، فهذا هو المذموم، قال العز بن عبد السلام في كتابه: قواعد الأحكام ـ لو قتِل عدو الإنسان ظلمًا وتعديًا، فسَرَّه قتلُه، وفَرح به، هل يكون ذلك سرورًا بمعصية الله أم لا؟

قلت: إن فرح بكونه عُصِي الله فيه، فبئس الفرح فرحه، وإن فرح بكونه تخلص من شره، وخلص الناس من ظلمه، وغشمه، ولم يفرح بمعصية الله بقتله، فلا بأس بذلك؛ لاختلاف سببي الفرح، فإن قال: لا أدري بأي الأمرين كان فرحي؟

قلنا: لا إثم عليك؛ لأن الظاهر من حال الإنسان أنه يفرح بمصاب عدوه؛ لأجل الاستراحة منه، والشماتة به، لا لأجل المعصية؛ ولذلك يتحقق فرحه، وإن كانت المصيبة سماوية. اهـ.

وأما ما يتعلق من ذلك بنواقض الإسلام، فهو بعيد كل البعد عن محل سؤال السائل، فإن إعانة الكفار أنفسهم على قتال المسلمين بالنفس، والسلاح تكون على وجهين:

الوجه الأول: أن يعينهم محبة لهم، ورغبة في ظهورهم على المسلمين، فهذه الإعانة كفر مخرج من الملة.

والوجه الثاني: أن يكون الحامل له على ذلك مصلحة شخصية، أو خوفًا، أو عداوة دنيوية بينه وبين من يقاتله الكفار من المسلمين، فهذه الإعانة محرمة، وكبيرة من كبائر الذنوب، ولكنها ليست من الكفر المخرج من الملة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 268657.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني