الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التبسم في الصلاة هل يبطلها؟

السؤال

أرجو عدم إحالتي إلى فتوى سابقة -جزاكم الله خيرًا-.كنت إمامًا وابتسمت، وأكملت الصلاة، ولم أعدها، وهذا يكثر معي كثيرًا، سواء كنت إمامًا أم مأمومًا، ويكون ضحكًا خفيفًا في النفس فقط بدون صوت، فما حكم ذلك، وما حكم صلوات المأمومين خلفي؟ فأنا أعاني كثيرًا من هذا الشيء، خصوصًا أني أود أن أعيد صلاتي، حتى أني أريد أن أخبر المأمومين أني سأعيد الصلاة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الصلاة المفروضة رأس مال المسلم؛ فعليه أن يحافظ عليها، ويحرص على تحصيل الخشوع فيها؛ لأن الخشوع هو لب الصلاة، وروحها.

وأما التبسم فيها، فلا يبطلها، إذا لم يصل إلى الضحك بصوت، كما نص على ذلك أهل العلم؛ قال الأخضري المالكي في مقدمته: وَمَنْ ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ، سَوَاءٌ كَانَ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا، وَلَا يَضْحَكُ فِي صَلَاتِهِ إِلَّا غَافِلٌ مُتَلَاعِبٌ، وَالْمُؤْمِنُ إِذَا قَامَ للِصَّلَاةٍ أَعْرَضَ بِقَلْبِهِ عَنْ كُلِّ مَا سِوَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَتَرَكَ الدُّنْيَا، وَمَا فِيهَا، حَتَّى يُحْضِرَ بِقَلْبِهِ جَلَالَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَعَظَمَتَهُ، وَيَرْتَعِدُ قَلْبُهُ، وَتَرْهَبُ نَفْسُهُ مِنْ هَيْبَةِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ، فَهَذِهِ صَلَاةُ الْمُتَّقِينَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّبَسُّمِ... وانظر الفتوى رقم: 232702، والفتوى رقم: 136383.

ولذلك فإن صلاتك لم تبطل بمجرد التبسم، وكذلك صلاة المأمومين، لكن عليك إذا قمت إلى الصلاة أن تفرغ قلبك لها، وألا تفكر في غيرها، وأن تستعين على ذلك بالله تعالى، كما قال الأخضري: لِلصَّلَاةِ نُورٌ عَظِيمٌ، تُشْرِقُ بِهِ قُلُوبُ الْمُصَلِّينَ، وَلَا يَنَالُهُ إِلَّا الْخَاشِعُونَ، فَإِذَا أَتَيْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَفَرِّغْ قَلْبَكَ مِنْ الدُّنْيَا، وَمَا فِيهَا، وَاشْتَغِلَ بِمُرَاقَبَةِ مَوْلَاكَ الَّذِي تُصَلِّي لِوَجْهِهِ، وَاعْتَقِدْ أَنَّ الصَّلَاةَ خُشُوعٌ، وَتَوَاضُعٌ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ بِالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِجْلَالٌ، وَتَعْظِيمٌ لَهُ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالذِّكْرِ؛ فَحَافَظَ عَلَى صَلَاتِكَ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ الْعِبَادَاتِ، وَلَا تَتْرُكِ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِقَلْبِكَ، وَيَشْغَلُكَ عَنْ صَلَاتِكَ حَتَّى يَطْمِسَ قَلْبَكَ، وَيَحْرِمَكَ مِنْ لَذَّةِ أَنْوَارِ الصَّلَاةِ، فَعَلَيْكَ بِدَوَامِ الْخُشُوعِ فِيهَا، فَإِنَّهَا تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ بِسَبَبِ الْخُشُوعِ فِيهَا، فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، إِنَّهُ خَيْرُ مُسْتَعَانٍ.

وما دامت صلاتك صحيحة، فلا داعي لإعادتها، أو التحدث مع المأمومين بشأن ذلك.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني