الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شخص قال لآخر عندما أراد أن يصلي: "لفها لف"

السؤال

شخص قال لآخر عندما أراد أن يصلي: "لفها لف" يقصد الصلاة، فما حكم ذلك؟ ولا أعتقد أنه يستهزئ، وإنما يمزح.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان يقصد بهذه العبارة حثه على مجرد التخفيف لحاجة مثلًا: فلا شيء عليه في ذلك.

وإن كان يقصد حثه على أن يصلي، ولا يبالي بأي كيفية صلاها، ولو كان ذلك على وجه يخل بالصلاة: فقد أساء بذلك إساءة عظيمة؛ فإنه بذلك قد أمر بالمنكر ونهى عن المعروف، وهذا من شأن المنافقين، كما قال تعالى: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {التوبة:67}.

وإن كان قال ذلك استهزاء -ولو مازحًا- فإن هذا يؤدي إلى الردة عن الإسلام، قال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ {التوبة:65-66}. فإن من قال كلمة الكفر -ولو مازحًا- كفر؛ لقوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ {التوبة:65-66}.

قال ابن العربي -رحمه الله-: لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جدًّا أو هزلًا، وهو كيفما كان، كفر؛ فإن الهزل بالكفر كفر، لا خلاف فيه بين الأمة، فإن التحقيق أخو العلم والحق، والهزل أخو الباطل والجهل، فإذا حصل الاستهزاء بالله، أو بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو بالدِّين، من شخص عاقل، غير مكره، فإنه يكفر بذلك، ويعتبر ذلك ردة عن الإسلام ... اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فقد أخبرهم أنهم كفروا بعد إيمانهم مع قولهم: إنا تكلمنا بالكفر من غير اعتقاد له، بل كنا نخوض ونلعب.

وبيّن أن الاستهزاء بآيات الله كفر، ولا يكون هذا إلا ممن شرح صدره بهذا الكلام، ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بهذا الكلام. اهـ.

فيجب عليه أن يتوب توبة نصوحًا، وشروط التوبة بيناها في الفتوى رقم: 5450.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني