الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول: "الله يسامحك يا آدم على ما فعلت"

السؤال

أنا كثير اللعن لإبليس، فهل يجوز ذلك؟ وكثيرًا ما أقول: "الله يسامحك يا آدم على ما فعلت" فهل يجوز ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيجوز لعن الشيطان؛ كما بينا في الفتوى رقم: 142631.

وأما قول: الله يسامحك يا آدم...، فلا مانع منه، وإن كان قد حصل؛ فإن الله قد تاب عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، قال تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {البقرة:37}، وقال سبحانه: وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى {طه:121-122}.

ومع ذلك، فلا مانع من الدعاء للأنبياء بالرحمة، والمغفرة؛ كما بينا في الفتوى رقم: 109925، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 221476.

ونحذرك أن يكون مقصود الكلمة، أو سياقها الإشارة إلى تقصير آدم ـ عليه السلام ـ فلا يجوز التفوه بها، وقد أطال الكلام على هذا القاضي عياض في الشفا؛ قال: فصل: الوجه الخامس أن لا يقصد نقصًا، ولا يذكر عيبًا، ولا سبًّا، لكنه ينزع بذكر بعض أوصافه، أو يستشهد ببعض أحواله صلى الله عليه وسلم الجائزة عليه في الدنيا على طريق ضرب المثل والحجة لنفسه، أو لغيره، أو على التشبه به، أو عند هضيمة نالته، أو غضاضة لحقته، ليس على طريق التأسي وطريق التحقيق، بل على مقصد الترفيع لنفسه، أو لغيره، أو على سبيل التمثيل، وعدم التوقير لنبيه صلى الله عليه وسلم، أو قصد الهزل والتنذير بقوله، كقول القائل: إن قيل فيّ السوء، فقد قيل في النبي، أو إن كذبت فقد كذب الأنبياء، أو إن أذنبت فقد أذنبوا، أو أنا أسلم من ألسنة الناس ولم يسلم منهم أنبياء الله ورسله... فحق هذا إن درأ عنه القتل: الأدب، والسجن، وقوة تعزيره بحسب شنعة مقاله، ومقتضى قبح ما نطق به، ومألوف عادته لمثله، أو ندوره، وقرينة كلامه، أو ندمه على ما سبق منه، ولم يزل المتقدمون ينكرون مثل هذا ممن جاء به. انتهى.

ولا يمنع ذلك إخراج الكلام في صورة الدعاء؛ فقد يراد به مثل ذلك؛ قال النووي في الأذكار: ومن ذلك غيبة المتفقهين، والمتعبدين، فإنهم يعرضون بالغيبة تعريضًا، يفهم به كما يفهم بالصريح، فيقال لاحدهم: كيف حال فلان؟ فيقول: الله يصلحنا، الله يغفر لنا، الله يصلحه، نسأل الله العافية، نحمد الله الذي لم يبتلنا بالدخول على الظلمة، نعوذ بالله من الشر، الله يعافينا من قلة الحياء، الله يتوب علينا، وما أشبه ذلك مما يفهم تنقصه، فكل ذلك غيبة محرمة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني