الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إخراج المسلم الزكاة بنفسه دون إعطائها لديوان الزكاة

السؤال

شخص قام بإخراج الزكاة على أقاربه على الرغم من وجود ديوان للزكاة، وهو الهيئة الموكلة من الدولة لجمع الزكاة، فما حكم ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج في أن يدفع الشخص زكاة ماله إلى فقراء أقاربه ممن لا تلزمه نفقتهم، بل إن إعطاء الأقارب في تلك الحال أفضل من إعطاء غيرهم، لما فيه من الصدقة وصلة الرحم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 25067.

ثم إننا قد ذكرنا في الفتوى رقم: 236779، حكم توزيع الشخص زكاته من غير دفعها لديوان الزكاة, إذا كانت الزكاة لا تصرف في مصارفها.

وعلى افتراض أن ديوان الزكاة قد أنشأه إمام عادل يصرف الزكاة في مصارفها, فإن كانت الزكاة نقودا, أو نحوها من الأموال الباطنة, فإن تولي صاحبها تفريقها على مصارفها بنفسه مجزئ بلا خلاف, وإن كانت من الأموال الظاهرة كالماشية, أو الزروع مثلا, فهي مجزئة أيضا عند كثير من أهل العلم, جاء في المغني لابن قدامة الحنبلي: ويستحب للإنسان أن يلي تفرقة الزكاة بنفسه، ليكون على يقين من وصولها إلى مستحقها، سواء كانت من الأموال الظاهرة أو الباطنة، قال الإمام أحمد: أعجب إلي أن يخرجها، وإن دفعها إلى السلطان، فهو جائز, وقال مالك وأبو حنيفة وأبو عبيد: لا يفرق الأموال الظاهرة إلا الإمام، لقول الله تعالى: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها {التوبة: 103} ولأن أبا بكر، طالبهم بالزكاة، وقاتلهم عليها، وقال: لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها، ووافقه الصحابة على هذا، ولأن ما للإمام قبضه بحكم الولاية، لا يجوز دفعه إلى المولى عليه، كولي اليتيم، وللشافعي قولان كالمذهبين، ولنا، على جواز دفعها بنفسه أنه دفع الحق إلى مستحقه الجائز تصرفه، فأجزأه، كما لو دفع الدين إلى غريمه، وكزكاة الأموال الباطنة، ولأنه أحد نوعي الزكاة، فأشبه النوع الآخر، والآية تدل على أن للإمام أخذها، ولا خلاف فيه. انتهى.

وفي المجموع للنووي: قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى: للمالك أن يفرق زكاة ماله الباطن بنفسه، وهذا لا خلاف فيه، ونقل أصحابنا فيه إجماع المسلمين، والأموال الباطنة هي الذهب والفضة والركاز وعروض التجارة، وأما الأموال الظاهرة ـ وهي الزروع والمواشي والثمار والمعادن ـ ففي جواز تفريقها بنفسه قولان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما، أصحهما، وهو الجديد جوازه. انتهى.

فبان مما ذكر أن الذي قام به هذا الشخص من إخراج الزكاة في أقاربه لا حرج فيه، ولو كان الحال على ما ذكرته من وجود ديوان الزكاة، وإنما يشترط لصحة هذا الفعل أن يكون الأقارب المذكورون فقراء أو نحوهم من الأصناف الذين يصح صرف الزكاة إليهم، وأن لا تكون نفقتهم واجبة عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني