الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية زكاة مال المضاربة

السؤال

منذ ثلاثة أعوام أعطيت شخصًا يتاجر في الأراضي والعقارات مبلغًا من المال يتاجر لي فيه، فأخذه ووضع عليه أموال أناس آخرين، واشترى به قطعة أرض، وطيلة الثلاث سنوات كنت أخرج زكاة المال عن رأس المال، وبعد الثلاث سنوات بيعت قطعة الأرض، وكان لي نصيب من ربحها، فكيف أخرج الزكاة عن هذا المال؟ وكذلك مع مال أعطيته لصاحب شركة أجهزة كهربائية يتاجر بأموال أناس، ويكون لهم نصيب من الربح دون أن يكون لهم حق في الشركة، كيف يتم إخراج الزكاة عن هذا المال؟ مع العلم أني أخرج زكاة المال عن رأس المال كل عام.
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن المعلوم أن زكاة مال المضاربة على ربّه مع الربح الخاص به، فيجب عليه أن يزكيهما معًا (رأس المال والربح الخاص به) عند نهاية كل حول هجري، كما سبق أن بيّنّا في الفتوى رقم: 56107.

والأرض المشتراة بنية البيع تزكى زكاة عروض التجارة, وذلك بأن تقوم في نهاية الحول، فإذا بلغت قيمتها نصابًا بنفسها أو بما انضم إليها مما هو في ملك صاحبها من نقود أخرى أو عروض تجارة، وحال الحول على النصاب الذي اشتريت به نظر إلى قيمتها عند حولان الحول، وأخرج ربع العشر 2.5 %.

وعليه؛ فإنه كان عليك أن تزكي المال في الأعوام المذكورة بالنظر إلى قيمة الأرض عند حولان الحول، وليس بالنظر لرأس المال الذي اشتريت به، وحيث إن الأرض مشتركة بينك وبين آخرين -كما فهمنا- فالواجب أن تنظر إلى نصيبك منها، فتقوّمه، فإن كانت قيمته بالغة النصاب عند حولان الحول على الأصل فقد وجبت فيه الزكاة.

وحيث لم تفعل، فالواجب عليك أن تنظر إلى قيمة حصتك من الأرض في كل سنة من تلك السنوات، فإن كانت مساوية لما أخرجت عنه الزكاة، فلا إشكال، وإن كانت أكثر فعليك إخراج زكاة الفارق.

وإذا لم تستطع تحديد قيمة نصيبك خلال السنوات المذكورة، فلتجتهد ولتتحر ما يغلب على ظنك في تقديرها عند نهاية كل حول، فتخرج زكاة الفارق بينه وبين رأس المال -إن وجد-، وبذلك تبرأ الذمة؛ لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها؛ جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: من وجبت عليه زكاة ولم يخرجها في وقتها المحدد وجب عليه إخراجها بعد، ولو كان تأخيره لمدة سنوات فيخرج زكاة المال الذي لم يزك لجميع السنوات التي تأخر في إخراجها، ويعمل بظنه في تقدير المال وعدد السنوات إذا شك فيها، لقول الله -عز وجل-: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. اهـ.

وإن كنت استلمت الأرباح في نهاية السنة الثالثة (أي: قبل حولان الحول ولو بيوم) فإنه تلزمك زكاتها مع المال؛ جاء في الموسوعة الفقهية: يضم الربح الحاصل من عروض التجارة في أثناء الحول إلى الأصل, وذلك لأجل حساب الزكاة. فلو اشترى مثلًا عرضًا في شهر المحرم بمائتي درهم، فصارت قيمته قبل آخر الحول ولو بلحظة ثلاثمائة درهم، زكى الجميع آخر الحول. اهـ.

وفي هذه الحالة لا تحتاج لتقييم الأرض في السنة الثالثة؛ لأنها قد بيعت والمال والربح معلومان لك.

وما ذكرناه من أحكام الزكاة في الأرض ينطبق على المال الذي دفعته لصاحب شركة الأجهزة الكهربائية ليتاجر لك فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني