الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يقاس المكياج على الكحل في جواز إبدائه عند من أباح ذلك؟

السؤال

هل القائلون بجواز كشف وجه المرأة مع الكحل يلزم من قولهم كذلك المكياج والأصباغ؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف أهل العلم في الزينة الظاهرة التي يجوز للمرأة إبداؤها للرجال الأجانب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: السلف قد تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين، فقال ابن مسعود ومن وافقه: هي الثياب، وقال ابن عباس ومن وافقه: هي في الوجه واليدين مثل الكحل والخاتم. اهـ.

ولم نجد أحدا من أهل العلم قال بجواز تزينها أمام الرجال الأجانب بمساحيق التجميل المعروفة اليوم ـ المكياج!!! وأما من حيث التلازم بين الأمرين، فلا يلزم على القول بأن الزينة الظاهرة هي في الوجه واليدين مثل الكحل والخاتم.. أن يجاز للمرأة إظهار وجهها وهي متزينة بهذه المساحيق، لما فيها من الزيادة الظاهرة على مجرد الكحل، في التجمل والتبرج بالزينة، وهذا منهي عنه حتى في حق القواعد من النساء، قال الله تعالى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور: 60}.

قال العلامة الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: التبرج بالزينة: التحلي بما ليس من العادة التحلي به في الظاهر، من تحمير وتبييض، وكذلك الألوان النادرة. اهـ.

هذا، وينبغي التنبيه على أن من أهل العلم من يفرق بين الوجه، وبين ما عليه من الزينة، فيبيح للمرأة إظهار وجهها بشرط خلوه من الكحل، فضلا عما عداه من الزينة، قال ابن العربي في أحكام القرآن: اختلف في الزينة الظاهرة على ثلاثة أقوال:

الأول: أنها الثياب، يعني أنها يظهر منها ثيابها خاصة، قاله ابن مسعود.

الثاني: الكحل والخاتم، قاله ابن عباس والمسور.

الثالث: أنه الوجه والكفان، وهو والقول الثاني بمعنى، لأن الكحل والخاتم في الوجه والكفين، إلا أنه يخرج عنه بمعنى آخر، وهو أن الذي يرى الوجه والكفين هي الزينة الظاهرة، يقول ذلك ما لم يكن فيها كحل أو خاتم، فإن تعلق بها الكحل والخاتم وجب سترها، وكانت من الباطنة. اهـ.

وقال الشيخ الألباني في جلباب المرأة المسلمة: لكن ينبغي تقييد هذا ـ يعني ما رجحه من استثناء الوجه والكفين ـ بما إذا لم يكن على الوجه وكذا الكفين شيء من الزينة، لعموم قوله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ {النور: 31} وإلا وجب ستر ذلك ولا سيما في هذا العصر الذي تفنن فيه النساء بتزيين وجوههن وأيديهن بأنواع من الزينة والأصبغة مما لا يشك مسلم ـ بل عاقل ذو غيرة ـ في تحريمه. اهـ.

وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 306343.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني