الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى يوما ويتركها يوما؟

السؤال

صلاة الضحى هل تجب صلاتها كل يوم؟ لأننا سمعنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصليها يوما، وفي اليوم الذي يليه لا يصليها، هل هذا صحيح؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فصلاة الضحى سنة، وليست واجبة؛ لما رواه مسلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى.
فمن صلاها كل يوم حصل له خير كثير وأجر عظيم، ومن لم يصلها لا إثم عليه، كغيرها من السنن والمستحبات التي لا إثم في تركها.
وتستحب صلاتها كل يوم كما في وصية نبينا صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: «صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ» رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لغيرهما "أَمَرَنِي بِرَكْعَتَيِ الضُّحَى كُلَّ يَوْمٍ" ولحديث "من حافظَ على شُفْعَةِ الضُّحى، غُفِرَتْ ذنوبُهُ وإنْ كانَتْ مثلَ زَبَدِ البحرِ" رواه الترمذي وابن ماجه، وتكلم أهل العلم في سنده، وجاء في شرح عمدة الأحكام لسفاريني الحنبلي واستحبَّ الآجريُّ، وأبو الخطاب، وابن عقيل، وابن الجوزي، وصاحب المحرر، وغيرُهم المداومةَ عليها...، وهو ظاهر حديث أبي هريرة" وقال ابن باز ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى "صلاة الضحى سنة كل يوم".
وعدم مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها لا ينافي استحباب المواظبة عليها؛ لحثه عليها والترغيب فيها، ولأن من رحمته صلى الله عليه وسلم بعباد الله ترك بعض العمل، وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم كما جاء في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ ـ رضي الله عنها ـ قالت: إنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَيَدَعُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ، وَمَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا».
قال العلماء معنى قولها: وَمَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَةَ الضُّحَى. "أي: وما داوم عليها قط، وقولها "وإني لأسبحها " أي: أداوم عليها، وفي الحديث إشارة إلى ذلك حيث قالت: وإن كان ليدع العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم.
وعلى ذلك فإنه صلى الله عليه وسلم كان يصليها، ولكنه لا يداوم عليها، خشية أن يعمل الناس مثله فتفرض عليهم، ولم نقف على أنه كان يصليها يوما ويتركها يوما.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني