الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم وضع مبلغ كأمانة يستوفي البائع الثمن منها حين إتمام العقد على بيع فضة

السؤال

سؤالي عن بيع الفضة عن طريق الأنترنت: أنا مقيم في تركيا وأبيع الفضة خارج تركيا بالشكل التالي: بعض المحلات التجارية المتخصصة في بيع المجوهرات من الفضة ترسل لي صور المجوهرات عن طريق الواتساب أو غيره من الوسائل الإلكترونية بأسعارهم الخاصة ـ يعني أسعار الجملة ـ وبعدما أتسلمها أضيف إليها نسبتي، أيْ أزيد عليها ربحي وأنشرها بين زبائني خارج البلاد، وعندما تعجب الزبون مجوهرة معينة مما أرسلت له من الصور ويوافق على سعري يؤكد لي طلبيته، وفي هذا الحين أطلب منه أن يحول قيمة هذه الطلبية إلى حسابي بحيث تبقى على حسابي كَأمانة، أيْ نجري المبايعة إلى أن تصل البضاعة ويستلمها، وأذهب إلى المحل وأشتري منهم أْيْ أملك هذه المجوهرة التي كانت في الصورة وأشحنها إلى المشتري الذي هو خارج البلاد وأرسل له صورة بوليصة الشحن عن طريق الجوال أو غيره من الوسائل الإلكترونية، وعندما تصل البضاعة إلى المشتري ويبلغني باستلامها نثبت عقد البيع والشراء
فهل هذه الطريقة صحيحة؟ وإن لم تكن صحيحة فأرجو إفادتي بالطريقة الصحيحة بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبيع الذهب أو الفضة بالنقد يشترط له التقابض في مجلس العقد، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 23846.

وأما بخصوص السؤال المعروض: ففيه غموض، فيبدو من بعضه أن المعاملة من بدايتها تجرى على أنها بيع وشراء ملزم للطرفين، كما يفهم من قول السائل: أيْ نجري المبايعة إلى أن تصل البضاعة ويستلمها ـ ولكن هذا يتعارض مع قوله قبل ذلك: أطلب منه أن يحول قيمة هذه الطلبية إلى حسابي بحيث تبقى على حسابي كأمانة ـ فهذا ظاهره أن عقد البيع لا يتم في هذه المرحلة، وإنما هي مواعدة بينهما، ثم يعقد العقد بعد وصول البضاعة إلى المشتري في بلده، كما يفهم من قول السائل: عندما تصل البضاعة إلى المشتري ويبلغني باستلامها نثبت عقد البيع والشراء.

وعلى أية حال فحقيقة المعاملة هي التي يترتب عليها الحكم، فإذا كان المبلغ المحول لحساب السائل لا يعدو كونه أمانة، والزبون لا يُلزَم بالشراء، وكذلك السائل لا يلزم بالبيع، فلكل منهما الحق في الرجوع عن وعد البيع أو الشراء، وكذلك لا يُلزم أحدهما بسعر المواعدة لإمكان تغير أسعار الفضة، وإنما يتم الاتفاق على السعر حين عقد البيع بعد وصول السلعة إلى الواعد بالشراء، وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: إنسان أخذ مني مصاغاً وقال: سأريه أهلي هل يصلح لهم؟ وإذا صلح جبت لك فلوسه، فما الحكم؟ فأجابت: إذا لم يتم بينهما عقد لبيع وشراء قبل أخذه ليريه أهله، وإنما أخذه فقط ليريه أهله، فإن أعجبهم اشتراه وإلا رده، جاز، ويكون المصاغ بيد المشتري كأمانة حتى يتم العقد بعد رضا أهله به. اهـ.

ففي مثل هذه الحال لا حرج على السائل في طريقة معاملته، فإن العقد يتم حين استلام السلعة، على أن يقبض السائل الثمن من الأمانة التي عنده.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني