الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم زوال النجاسة من الثوب بالجفاف

السؤال

جزاكم الله خيرا على هذا الموقع النافع، وجعل ثوابكم الجنة بلا حساب أو سابقة عذاب، وسؤالي عن النجاسات التى جفت تماما، ولم يبق لها أثر أبدا من لون أو طعم أو رائحة حتى إنه لا يمكن تحديد أي مكان أصابته، فهل ذلك الجفاف طهارة لها؟ أم يجب صب الماء على موضع النجاسة؟
وللتوضيح: فإن النجاسة التي أقصدها هنا هي البول في حالة، والمني المختلط بقليل جدا من المذي في حالة أخرى، والمتنجس هو الفرش وليست الأرض ولا ما اتصل بها اتصال قرار، فهل هناك من الأقوال المعتبرة من يرى الجفاف طهارة؟ أم يجب صب الماء على المتنجس؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنجاسة البول, أو المذي إذا أصابت فراشا, أو ثوبا ونحوهما ثم ذهبت عينها تماما, بحيث لم يبق لها لون, ولا طعم, ولا ريح , فجمهور أهل العلم على أنها لا تطهر بالجفاف, بل لابد من تطهيرها بالماء, وهناك من أهل العلم من قال بطهارة هذه النجاسة إذا ذهبت عينها تماما, ولم يبق لها أي أثر, جاء في المجموع للنووي: وأما الثوب النجس ببول ونحوه إذا زال أثر النجاسة منه بالشمس: فالمذهب القطع بأنه لا يطهر، وبه قطع العراقيون، ونقل إمام الحرمين عن الأصحاب أنهم طردوا فيه القولين كالأرض، قال: وذكر بعض المصنفين ـ يعني الفوراني ـ أنا إذا قلنا يطهر الثوب بالشمس، فهل يطهر بالجفاف في الظل؟ فيه وجهان، وهذا ضعيف، قال الإمام: ولا شك أن الجفاف لا يكفي في هذه الصورة، فإن الأرض تجف بالشمس على قرب ولم ينقلع بعد آثار النجاسة فالمعتبر انقلاع الآثار على طول الزمان بلا خلاف، وكذا القول في الثياب. انتهى.

وفي مجموع الفتاوى للشيخ العثيمين: هل تطهر النجاسة بغير الماء؟ وهل البخار الذي تغسل به الأكوات مطهر لها؟ فأجاب: إزالة النجاسة ليست مما يتعبد به قصداً، أي أنها ليست عبادة مقصودة، وإنما إزالة النجاسة هو التَّخلي من عين خبيثة نجسة، فبأي شيء أزال النجاسة، وزالت وزال أثرها، فإنه يكون ذلك الشيء مطهراً لها، سواء كان بالماء أو بالبنزين، أو أي مزيل يكون، فمتى زالت عين النجاسة بأي شيء يكون، فإنه يعتبر ذلك مطهراً لها، حتى إنه على القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، لو زالت بالشمس والريح، فإنه يطهر المحل، لأنها كما قلت: هي عين نجسة خبيثة، متى وجدت صار المحل متنجساً بها، ومتى زالت عاد المكان إلى أصله، أي إلى طهارته، فكل ما تزول به عين النجاسة وأثرها ـ إلا أنه يعفى عن اللون المعجوز عنه ـ فإنه يكون مطهراً لها، وبناءً على ذلك نقول: إن البخار الذي تُغسل به الأكوات إذا زالت به النجاسة، فإنه يكون مطهِّراً. انتهي

وبناء علي ما سبق, فإن القول بطهارة نجاسة البول, أوالمذي ـ إذا أصابت الفراش, أونحوه ثم زالت بالشمس أو الريح ولم يبق لها أثر ـ هو قول معتبر, وله حظ من النظر, لكن مذهب الجمهور أحوط.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني