الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشترط لعدم الإصابة بالعين التبريك وقت رؤية الشيء مباشرة؟

السؤال

سؤالي بكل بساطة: هل قول: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، أو التبريك "بعد" إصابة شخص، أو شيء مادي بعين، مثلا بعدها بربع ساعة، أو حتى ساعة يذهب أثر العين أم لا؟
مع العلم أن الضرر لم يحدث!

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنا لم نعثر بعد البحث على كلام لأهل العلم في اشتراط أن يكون التبريك عند حصول الإعجاب، ولكن عبارة (إذ) الظرفية في الآية: وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ {الكهف:39}، وفي الحديث عند ابن ماجه: إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه، فليدع له بالبركة. وعند أحمد: هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت. يمكن أن يستفاد منها أن التبريك، وقول ما شاء الله، إنما يقال عند حصول الإعجاب.

هذا، وننبه إلى أن الأولى هو الدعاء بالبركة؛ لحديث: إذا رأى أحدكم من نفسه، أو ماله، أو من أخيه ما يعجبه، فليدع له بالبركة؛ فإن العين حق. رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" والحاكم، وصححه الألباني في "الكلم الطيب".

وأما الحديث الوارد فيه لفظ: "ما شاء الله" عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من رأى شيئاً فأعجبه، فقال: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله: لم تصبه العين. فهو حديث ضعيف جدا.

قال فيه الهيثمي: رواه البزار من رواية أبي بكر الهذلي، وهو ضعيف جدّاً. اهـ.

ومع ذلك يرى بعض أهل العلم مشروعية قول: "ما شاء الله"

قال ابن القيم: ومما يدفع به إصابة العين قول ما شاء الله، لا قوة إلا بالله. روى هشام بن عروة، عن أبيه أنه كان إذا رأى شيئا يعجبه، أو دخل حائطا من حيطانه، قال: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله. انتهى من زاد المعاد.

وبعضهم يستأنس بالآية.

قال ابن كثير في التفسير: ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا ( أي هلا إذ أعجبتك حين دخلتها، ونظرت إليها، حمدت الله على ما أنعم به عليك، وأعطاك من المال والولد ما لم يعطه غيرك، وقلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله؛ ولهذا قال بعض السلف: من أعجبه شيء من حاله، أو ماله، أو ولده فليقل: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله. وهذا مأخوذ من هذه الآية الكريمة. اهـ.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فإذا رأى الإنسان ما يعجبه، وخاف من حسد العين، فإنه يقول: ما شاء الله تبارك الله، حتى لا يصاب المشهود بالعين، وكذلك إذا رأى الإنسان ما يعجبه في ماله، فليقل: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله؛ لِئَلاَّ يعجب بنفسه، وتزهو به نفسه في هذا المال الذي أعجبه، فإذا قال: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، فقد وكل الأمر إلى أهله تبارك وتعالى. انتهى من "فتاوى نور على الدرب".

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني